www.sunnaonline.org

البعث والحشر والحساب

البَعْثُ حَقٌّ، وهوَ خُروجُ الموتَى من القُبورِ بعدَ إعادَةِ الجسَدِ الذي أكلَهُ التُّرابُ إن كانَ منَ الأجسَادِ التي يأْكلُها التُّرابُ وهي أجسَادُ غَيرِ الأَنْبياءِ وشُهداءِ المعركةِ وبَعضِ الأولياءِ لِمَا تواتَرَ مِن مُشَاهدَةِ بعضِ الأولياءِ. وأوَّلُ مَن يَنْشَقُّ عنهُ القَبرُ سيّدُنا محمّدٌ صلى الله عليه وسلم، وأهلُ مكّةَ والمدينةِ والطّائفِ من أوَّلِ من يُبْعَثُ. وإنّما قيلَ من أوَّل من يبعثُ لأنَّ الأنبياءَ هم أَوَّلُ مَن يُبعَثُ، والدليلُ على أن البعثَ حَقٌّ قولُه تعالى {ثم إنكم يوم القيامة تُبْعَثون} [سورة المؤمنون/16]، وغيرُ ذلك من النصوصِ القاطعَةِ بحشرِ الأجسادِ.

والحَشْرُ حَقٌّ، وهو أن يُجمَعُوا بعدَ البَعثِ إلى مكانٍ، ويكونُ على الأرْضِ المبدَّلَةِ، وهي أرضٌ مُستَوِيةٌ كالجِلْدِ المَشْدُودِ لا جِبالَ فيها ولا وِدْيَانَ، أكْبَرُ وأَوْسَعُ منْ أَرضِنا هَذه بَيضاءُ كالفِضّةِ. بَرُّ الشَّامِ هي أرضُ المَحشَرِ والمَنشَرِ، يُحشَرُ يومَ القيامة إليها العبادُ، وأُمُّ بَرّ الشَّامِ فلسطينُ فهي الأصلُ لأنَّ الأنبياءَ أكثرُهُم كانوا في فلسطين. إبراهيمُ وابنُهُ إسحاقُ وابنُهُ يعقوبُ وابنُهُ يوسف كُلّهم قُبورُهم في فلسطين. ويَكُونُ الحَشْرُ على ثلاثةِ أحْوالٍ:

(1) قِسْمٌ طَاعِمُونَ كَاسُونَ رَاكِبُونَ علَى نُوْقٍ رحَائِلُها مِن ذَهَبٍ وهُم الأَتْقِياءُ.
(2) وقسمٌ حُفاةٌ عُراةٌ وهُم المسلمونَ من أهْلِ الكَبائرِ.
(3) وقِسمٌ يُحشَرُونَ ويُجَرُّونَ على وجُوهِهم وهمُ الكفّارُ.

النّاسُ يومَ القيامَةِ في الحشرِ على هذهِ الأحوالِ الثلاثَةِ، ومن فَضلِ أمّةِ محمدٍ على من قَبلَها من الأمَمِ أنّهم أكثر أهلِ الجنةِ، فأهلُ الجنّةِ يومَ القيامَةِ مائةٌ وعشرونَ صفًّا، وأمّة محمّدٍ هم ثمانونَ صفًّا من المائة والعشرينَ صفًّا. والله تعالى حَرَّمَ دخولَ أيّ أمَّةٍ الجنّةَ قبل أمّةِ محمّدٍ، بعدَ أن يدخُلَ الرسولُ يدخل الأنبياءُ الجنَّة ثم يدخل أمّة محمّدٍ.

والحسَابُ حقٌّ، وهوَ عَرْضُ أعْمالِ العِبادِ علَيهم، ويكُونُ بتَكليم الله للعِبادِ جَمِيعِهم، فَيفهَمُونَ منْ كلامِ الله السُؤالَ عمَّا فَعَلُوا بالنّعَمِ التي أعْطاهُمُ الله إيَّاها، فيُسَرُّ المؤمِنُ التَّقيُّ، ولا يُسَرُّ الكَافرُ لأنّه لا حَسَنَة لهُ في الآخرةِ، بلْ يكادُ يَغشَاهُ المَوتُ، فقَد وَردَ في الحديثِ الصَّحيحِ "مَا مِنكم من أحَدٍ إلا سَيُكلّمُهُ رَبُّهُ يَومَ القِيامَةِ لَيسَ بَينَهُ وبَينَهُ تَرْجُمَانٌ"، رواهُ أحمدُ والتّرمذيُّ.

الناسُ يومَ القيامَةِ تُعرَضُ عليهم أعمالهم، كلٌّ معهُ كتابهُ الذي كُتِبَ فيه ما عَمِلَ، ويسمعونَ كلامَ الله الأزليّ الذي لا يُشبِهُ كلامَ العَالمين كما قال أبو حنيفةَ: الله يَتكلمُ بلا ءالةٍ ولا حرفٍ، فالكفّارُ لمَّا يسمعونَ كلام الله يغلِبُ عليهم الخوفُ والانزعاجُ والخجلُ والتّضايقُ والقَلَقُ، وأمّا عصاةُ المسلمينَ فيكونونَ على حالَينِ قسمٌ منهم يصيبهم خوفٌ وانزعاجٌ وقسمٌ لا يُصيبهم ذلك.


رابط ذو صله : http://www.sunnaonline.org
القسم : العقــيدة الإســلامية
الزيارات : 40426
التاريخ : 10/2/2012