www.sunnaonline.org

التعزية



الحمد للهِ ربِّ العالمينَ لهُ النِّعمةُ وله الفضلُ ولهُ الثَّناءُ الحسن صلواتُ اللهِ البَرِّ الرحيمِ والملائِكةِ المُقرَّبينَ على سيِّدِنَا مُحَمَّدٍ أشرفِ المرسلينَ وحبيبِ ربِّ العالمينَ وعلى جميعِ إخوانِهِ منَ النَّبييّنَ والمُرسلينَ وءالِ كُلٍّ والصَّالحينَ وسلامُ اللهِ عليهِمْ أجمعينَ. ا

التعزية سنةٌ مؤكدةٌ لما رواه ابن ماجه والبيهقي بإسناد حسنٍ "ما منْ مسلمٍ يُعزِّي أخاه بمُصيبةٍ إلا كساه الله من حُلَلِ الكرامةِ يومَ القيامةِ".ا
ولحديث الترمذي وغيره "مَن عزّا مصابا فله مثل أجره". ومعناها الأمر بالصبر والحمل عليه بوعد الأجر والتحذير من الوزر بالجزع والدعاء للميت بالمغفرة وللمصاب لأنه صلى الله عليه وسلم مرَّ على امرأة تبكي على صبي لها فقال لها "اتقي اللهَ واصبري"، ثم قال "إنما الصبر" أي الصبر الكامل، "عند الصدمة الأولى" أي إنما الصبر الشاق الصعب على النفس الذي يعظم الثواب عليه إنما هو عند هجوم المصيبة وحرارتها فإنه يدل على قوة النفس وتـثبتها وتمكُّنها في مقام الصبر وأما إذا بردت حرارة المصيبة فكل أحد يصبر إذ ذاك. ا

وقال ابن رشد كما نقله الحطاب في شرحه على مختصر خليل ما نصه: والتعزية لثلاثة أشياء أحدها تهوين المصيبة على المعزي وتسليته منها وتحضيضه على التزام الصبر واحتساب الأجر والرضا بقدر الله والتسليم لأمره والثاني: الدعاء بأن يعوضه الله من مصابه جزيل الثواب ويحسن له العقبى والمآب والثالث: الدعاء للميت والترحم عليه والاستغفار له. اهـ
ا

ووقتها


قبل الدفن من حين الموت وبعده إلى ثلاثة أيام تقريبا كما صرح به الشيرازي في التنبيه، وقال السيوطي في شرحه على التنبيه ما نصه: وهي بعده أفضل لاشتغال أهل الميت بتجهيزه إلا أن يرى من أهل الميت جزعا شديدا فيختار تقديمها لصبرهم.اهـ وفي شرح روض الطالب للشيخ زكريا الأنصاري ما نصه: وتأخيرها أي التـعزية حتى يُدفن الميِّتُ أولى منها قبله لاشتغالهم قبله بتجهيزه ولشدة حزنهم حينئذ بالمفارقة إلا إن أفرطَ جزعَهم فيختار تقديمها ليُصبِّرَهم.اهـ وقال الفاكهاني المالكي في شرحه على الرسالة: ولم أر لأصحابنا تعيين وقت التعزية.اهـ بل قال ابن حبيب المالكي ما نصه: وتجوز التعزية قبل الدفن وبعده ولعل الفاكهاني لم يطلع على كلام ابن حبيب هذا.
ا وأما ما روي عن الثوري أنه لا يعزى بعد الدفن لأن الدفن خاتمة أمره فهو مخالف لظاهر الحديث "مَن عزى مصابا كان له مثل أجره" فإنه عام غير مختص بوقت معين.ا

ولا تعزية بعد ثلاث من الأيام تقريبا أي تُكره بعدَها اذ الغرض منها تسكينُ قلبِ المصاب والغالبُ سُكونه فيها فلا يُجدَّدُ حُزنُه وقد جعلَها النبيُّ صلى الله عليه وسلم نهاية الحزنِ بقوله "لا يحلُّ لامرأة تؤمنُ بالله واليوم الآخر أن تُحدَّ على ميِّتٍ فوق ثلاثة أيامٍ إلا على زوجٍ أربعة أشهرٍ وعشْرا" رواه البخاري إلا لغيبة مُعزٍّ أو مُعَزًّى فتبقى التعزيةُ له إلى قدومه ويلحقُ بالغيبةِ المرضُ والحبسُ وعدمُ العلم كما ذكره الأذرعي وغيره وقال السيوطي: ويُكره بعد الثلاثة لما فيها من تجديد الحزن بعد سكونه إلا أن يكون غائبا.اهـ وأما ابتداء الثلاث فهو من الموت كما صرح به جمع منهم القاضي أبو الطيب والبندنيجي وابن الصباغ والماوردي وابن أبي الدَّم والغزالي في خلاصته والقول بأنه من الدفن فهو مفرَّع على أن ابتداء التعزية منه أيضا لا من الموت كما أفصح به الخوارزمي.
اويُعزّى كلُّ أهل الميِّت ولو صِبيانا ونِساء إلا المرأةُ الشابّةُ فلا يُعزيها إلا محارمها وزوجها.ا

ويقول في تعزية المسلم بالمسلم أعظَمَ الله أجرك أي جعله عظيما وأحسن عزاك أي جعله حسنا وغفر لميتك ويُستحبُّ أن يبدأ قبله بما ورد من تعزية الخضر أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بموته "إنّ في الله عزاءً من كلِّ مصيبة وخَلَفا من كلِّ هالك ودَركا من كل فائت فبالله فثِقوا وإياه فارجوا فإن المُصابَ من حُرِمَ الثوابَ".
ا


رابط ذو صله : http://www.sunnaonline.org
القسم : الخــطب والـــدروس
الزيارات : 5529
التاريخ : 16/7/2010