www.sunnaonline.org

حكم رفع الأسعار


روى الترمذي وابن ماجه وغيرُهما من حديث أنَسِ بنِ مالِك رضي الله عنه قال غَلا السِّعْرُ في المدينة على عهدِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فقال الناسُ يا رسول الله غلا السِّعْرُ فَسَعِّرْ لنا، فقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم [إنّ الله هو المُسَعِّرُ (أي يقلب أحوال السعر من الرخص إلى الغلاء وعكسه) القابِضُ الباسِطُ الرّازِقُ وإنّي لأَرْجُو أن أَلْقَى الله تعالى وليسَ أحَدٌ مِنْكُم يَطلُبُني بمَظْلَمةٍ في دمٍ ولا مالٍ]. وفي رواية البيهقي من حديث أبي سعيد الخدريّ مرفوعًا أنه قال [إنّما البَيعُ عن تَراضٍ] وهو حديث ثابتٌ لم يختلفوا في ثبوته.


فلا يجوز أن يقال عمن يرفع السِّعر "حرامي" أو أن يقالَ عن رَفْعِ الثّمَن في البضاعة "إنه كفرٌ " بل من قالَ ذلكَ فَقد ردَّ النَّصَّ (أي كذب نصوص القرءان والسنة) وردُّ النّصوص كفرٌ كما قال الإمام النسَفيُّ في عقيدته. وقد يُطلِقُ بعضُ الناس هذه الكلمة "الغلاء كفر" ويفهمون منها أنّ الغلاءَ قد يكون سَببًا لكفْر بعض الناس لأنّه مصيبةٌ، وهذا الوجهُ (على هذا الفهم) ليس فيه رَدُّ للشّرع فلا يُحكَم على قائلِه بالكفر لكن يُنهَى عن إطلاق هذه الكلمة "الغلاء كفر" لأنها توهم أن رَفْع السِّعر كفرٌ.


فلا يجوز تَحريمُ رَفْع السِّعر وما يقوله بعض الناس من أنه لا يجوز الربح بأكثر من ثلث قيمة البضاعة فلا أصل له في الشرع. نعم الأحسن أن يبيع الشخص بسعر منخفض إعانة لإخوانه المسلمين وقد حضنا الشرع على ذلك ولكن بالمقابل لا نحرّم البيع بسعر مرتفع لأن الشرع لم يحرمه ويجوز لنا أن نرشد من يبيع بسعر مرتفع أن يراعي أحوال الناس فيخفضوا أسعارهم لكن من غير تحريم، لأن "التحريم" حكم شرعي يحتاج لنص شرعي صريح ، وليس هناك في الشرع نص على تحريم ذلك بل على العكس فإن النص الشرعي جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في جواز ذلك. فقد جاء في حديث تحريم الرِبا أي الزِيادةِ في بَيْع نقدٍ بنقد أو مَطعوم بمطعوم [فإذا اختلَفَت هذه الأجناسُ فبيعُوا كيف شئتم إذا كان يدًا بيَد] فقوله عليه الصلاة والسلام [فبيعُوا كيف شئتم] نصٌّ في عدَم التّحديد في الرِبْح والحديثُ رواه مسلمٌ وغيرُه.


وأمّا مَن قال عمّن يكذب ويُدَلِّسُ ويموّهُ في البيع ويوهم الناسَ خِلافَ الحقيقة إنه حرامي فلا يكفر. وكذلك إن قال ذلك عمّن يبيع بسِعْر مرتَفع فوقَ العادَةِ والمشتري لا يعلم بهذه الزيادة الكبيرة فاعتقد القائل أن فعل البائع عند ذلك حرام فسَمّاه "حرامي" على معنى التّشبيه فلا يكفر. وأما إن كان يبيع بالسّعر المعتاد فقال عنه "حرامي" فهذا يكون كَفَرَ والعياذ بالله ويلزمه النطق بالشهادتين لأن في كلامه تحريم أمر معلوم حله بين المسلمين عامتهم وعلمائهم حيث جعل البيع الحلال مثل السرقة المعلومة أنها حرام. ومن قال للبائع الذي يَرفَعُ السِّعر هذا حرام ويفهم من ذلك الشفقة أي أنت ما ترأف بنا وترحَمُنا ولا يفهم التحريم الشرعيّ فلا يكفر. وإن قال له هذا غشٌّ ويفهم من ذلك أنك تُغالي في السِّعر كثيرًا ولا يفهم أنّه حرام يستحقُّ فاعلُه العذابَ فلا يَكفر وإلا كَفَر.
الله موجود بلا مكان



رابط ذو صله : http://www.sunnaonline.org
القسم : المعاملات والنكاح
الزيارات : 19418
التاريخ : 19/9/2010