www.sunnaonline.org

عظم حق الوالدين


روى الحاكمُ وصححهُ أن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال [أعظمُ الناسِ حقًّا على المرأةِ زوجُها، وأعظمُ حقًّا على الرجلِ أمَّهُ]. معنى الحديث: أن أعظمَ الناسِ حقًّا على الرجلِ وعلى المرأةِ غيرِ ذاتِ الزوجِ الأمُّ، أما المرأةُ المتزوجةُ فأعظمُ الناسِ حقًّا عليها زوجُها، فلو طلبَ الوالدانِ من المرأةِ المتزوجةِ أمرًا وطلبَ الزوجُ خِلافَهُ تكونُ طاعةُ الزوجِ مقدّمةً.


وقد قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم [أيّما امرأةٍ ماتَتْ وزوجُها راضٍ عنها دخلتِ الجنـّة] وصحَّ حديث [أيما امرأةٍ باتت وزوجُها غاضبٌ عليها لعنتها الملائكةُ حتى تصبح]
ومعنى ذلك: أنَّ الرجلَ إذا طَلَبَ زوجتَهُ للاستمتاعِ المشروعِ ولَم يكن لَها عذرٌ للامتناعِ لا عذرٌ شرعيٌّ كالحيضِ ولا عذرٌ جسمانِيٌّ كالمرضِ لم يَجزْ لَها أن تَمتَنِعَ عن طاعتِهِ في ذلكَ، وإنِ امتنعت بلا عذرٍ كانَ ذنبُها كبيرًا. وصحَّ حديث [خيرُكُم خيرُكُم لأهلِهِ وأنا خيرُكُم لأهلي] معناه: أحسنُ الرجالِ الذي تكونُ معاملتـُهُ لزوجتِهِ أحسنُ. والرسولُ أحسنُ الناسِ، وكانت معاملتهُ أحسن معاملةٍ لأهلِهِ فكانَ يخصفُ نعلَهُ بيدِهِ، ويرقَعُ ثوبَهُ بيدِهِ، ويَحلِبُ شاتَهُ بيدِهِ، ووردَ أنه يكونُ في مهنَةِ بيتِهِ أي يَخدمُ في البيتِ وهذا دليلٌ على كمالِ التواضعِ وهو أن لا ينتظرَ خدمةَ زوجَتِهِ بل يُبادِرُ هوَ إلَى الْخِدمَةِ، وهذا داخلٌ في حُسْنِ الْخُلقِ الذي حَضَّ عليهِ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حضًّا بالغًا.

وقال عليه الصلاةُ والسلام [إنّ المؤمنَ ليُدرِكَ بِحُسنِ خلُقِهِ درجَةَ الصّائمِ القائم] معناه: من صبَرَ على أذى الناسِ وكفَّ أذاهُ عنهم وأحسنَ إليهم يكونُ كأنهُ يقومُ كُلَّ يومٍ بالليلِ فيُصَلّي ويصومُ كُلَّ السّنةِ ما عدا الأيـَّام الخمسة التي لا تُصام ، ويصلُ المؤمنُ مع تقوى اللهِ بِحُسنِ خُلُقِهِ والإكثارِ من ذكرِ اللهِ إلى الولايةِ.


أما الوالدانِ فحقُّهُما على الأولادِ عظيمٌ لاسيَّما الأم، ومَنْ كانَ بارًّا بوالديهِ تكونُ عاقبتُهُ حَميدة. فرِضى الوالدينِ فيما لا معصيةَ فيه بركةٌ في الدنيا والآخرة، وقد يُرزقُ الشخصُ رزقًا كثيرًا بسببِ برِّهِ لوالديهِ. وليسَ من الأدَبِ أن يطلبَ الولدُ إذا بلغَ من أمهِ أن تَخدِمَهُ بل من كمالِ الأدَبِ أنْ يُبادِرَ هو إلَى خدمتِها ولو لَم تطلب منه ذلك، ومِمَّا جَرَتْ عليه عادةُ الشبابِ اليومَ والشابـّاتِ الطلب من الأمِّ أن تُحضِّرَ لَهم الطعامَ أو تغسلَ لَهم ثيابَهُم ونَحوَ ذلكَ مِما هم يقدرونَ عليهِ وهذا يُعدُّ إساءةَ أدبٍ، فما أبعدَ حالَ هؤلاءِ عن حالِ عبادِ اللهِ الكاملين.


وقد قالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم [رغم أنف ثم رغم أنف ثم رغم أنف من أدركَ أبويهِ أو أحدهُما شيخًا ولَم يدخل به الجنة] معناهُ: من أدركَ والديهِ كبيرينِ في السنِّ أو أحدَهُما ولَم يُحصِّل رضاهُما بالخِدمَةِ ونِحوِ ذلكَ يكونُ فوَّتَ على نفسِهِ ثوابـًا عظيمًا، فحالُ الدنيا أن المرءَ سيموتُ فإما يُفارقُهُ والداهُ وإما يُفارقهما، فإن لم يبَرَّهما الآن متى يبُرُّهما، بعد الفراق ؟! قال رسول الله [الوالدُ أوسطُ أبوابِ الجنةِ فإن شئتَ احفظْهُ وإن شئتَ ضيّعْهُ] معناهُ: من لَم يُرضِ والدَيه ويبرَّهُما يكونُ ضيّعَ على نفسِهِ ذلك الثوابِ العظيمَ، وهو أن رضى الوالدِين المسلمين يوصلُ إلى الجنةِ من بابٍ في وَسَطِهَا.
الله موجود بلا مكان



رابط ذو صله : http://www.sunnaonline.org
القسم : الخــطب والـــدروس
الزيارات : 3912
التاريخ : 19/9/2010