www.sunnaonline.org

أسماء الله الحسنى توقيفية

أسماء الله الحسنى يقال لها صفات الله ويقال لها أسماء الله إلا لفظَ الجلالة .. لفظ الجلالة لا يقال له صفة الله .. ثم إن أسماء الله تعالى قسمان: قسم لا يسمى به غيره وقسم يسمى به غيره ..

الله والإله والرحمٰن والقدوس والخالق والبارئ والرازق والرزاق ومالك الملك وذو الجلال والإكرام والمحيي والمميت لا يسمى بهذه الأسماء إلا الله. أما أكثر الأسماء فيسمى بها غير الله أيضا، فيجوز أن يسمي الشخص ابنه رحيما وملِكا وسلاما ورؤوفا وكريما ومؤمنا ونحو ذلك ..

وأسماء الله الحسنى التسعة والتسعون من حفظها وءامن بها وفهم معناها فالجنة مضمونة له .. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [إن لله تسعةً وتسعين اسما، مائةً إلا واحدا، من أحصاها دخل الجنة] .. رواه البخاري ومسلم .. ولله أسماء غير هذه المذكورة في حديث البخاري ومسلم ولكن ليس لها هذه الفضيلة التي هي للأسماء التسعة والتسعين .. وأسماء الله الحسنى بأي لغة كتبت يجب احترامها ..

الله تعالى مستغن عن كل شيء، وكل شيء محتاج إليه، فيقصِده العباد عند الشدة .. هذا هو معنى الصمد .. وهكذا نفسره .. والصمد، في اللغة، هو السيِّد المقصود. الشخص الذي هو سيِّد أي عالي القدر في الناس معتبَر فيهم يسمى في اللغة صمدا . لذلك فالصمد ليس من أسماء الله الخاصة به بل يجوز تسمية غيره به. فإذا إنسان سمى ابنه الصمد فليس حراما .. ولقد انتشر في دعاء المسلمين قولهم [يا مسبِّب الأسباب] .. معناه إن الله هو وحده الذي يخلق المسبب عند وجود السبب. فالله وحده خالق الأسباب ومسبَّباتها. إذا شاء الله حصول شيء إثر مزاولة المخلوق لشيء حصل لا محالة. ولا يحصل إذا لم يشأه الله.

يقع في مؤلفات بعض العلماء قولهم [رب الأرباب]، يعنون بذلك أن الله هو مالك الملاك، وهذا صحيح .. ولقد ورد في صحيح مسلم ما نصه [باب تحريم التسمي بملِك الأملاك وبملِك الملوك] الرب، باللام، اسم من أسماء الله تعالى. ولا يطلق لغير الله عز وجل. ولا يقال في غيره إلا بالإضافة.. فيصح أن يقال فلان رب البيت وفلانة ربة الدار إذا كان المقصود منه صاحب البيت ومالكه .. وأما الرب من دون إضافة أو رب العالمين فلا يقال إلا لله ..


الله سبحانَه وتعالى ذو الطَّول، بفتح الطاء، أي ذو الفضل .. [يا ذا الطَّول يا الله] معناه يا ذا الفضل يا الله .. ولا يقال [يا ذا الطُّول يا الله]، بضم الطاء، لأن الطُّول، بضم الطاء، مقابل العَرْضِ، والله لا يوصف بالطُّول كما لا يوصف بالعَرْضِ ..


ورد في تعداد أسماء الله الحسنى في غير الرواية المشهورة : الحنّان والمنّان. قولنا لله تعالى [يا حنّان] معناه يا ذا الحنان أي يا ذا الرحمة. الله هو الحنّان أي هو الذي يحِن على عباده أي هو الذي يرحمهم .. أما قولنا لله تعالى [يا منّان] فمعناه يا ذا المن أي يا ذا الإنعام . فهو الذي يمُن على عباده أي ينعم عليهم.


قول بعض الناس [الله يشفِق عليك] إن كانوا يفهمون منه الرحمة فلا إثم فيه، لكنه لفظ قبيح. وذلك لأن الشفقة هي الرحمة التي تخلَق في قلب العبد. الإنسان يقال في حقه يرحم ويعطِف ويحِن ويرفُق ويرأف ويشفِق. والله تعالى يقال في حقه يرحم ويرفُق ويرأف ويحِن على. ولا يقال يشفِق. فيجوز أن يقال في الله تعالى إنه رفيق بمعنى رحيم .. قال عليه الصلاة والسلام [إن الله رفيق يحِب الرفق في الأمر كلِّه] .. رواه البخاري في صحيحه.. الرسول يقول هذا من باب الوصف .. يصف الله بأنه رفيق .. ولا يقول هذا من باب تسمية الله بالرفيق .. فلا يقال إن الرفيق اسم من أسماء الله .. فلا يصح أن يسمي الشخص ابنه عبد الرفيق مثلا .. الرفيق ليس إسما من أسماء الله حتى يصح أن يسمي الرجل مولوده عبد الرفيق ..

وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال [لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كِبْر] .. فقال له رجل [يا رسول الله إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة] .. فقال عليه الصلاة والسلام [إن الله جميل يحب الجمال. الكِبْرُ بَطَرُ الحق وغَمْطُ الناس] .. رواه الإمام مسلم في صحيحه. قول رسول الله [إن الله جميل يحِب الجمال] معناه الموصوف بالصفات الجميلة، أي قدرته كاملة وعلمه كامل وإرادته شاملة كاملة.. وليس المراد أن له شكلا جميلا.. بل يكفُر من يظن ذلك.. وإنما معناه الموصوف بالصفات التي تدل على الكمال.. يحب الجمال أي يحب من عبده حسْن الحال وحسْن الخلق، ويحب من عبده أيضا نظافة البدن والثياب .. الرسول يقول هذا من باب الوصف.. يصف الله بأنه جميل .. ولا يقول هذا من باب تسمية الله بالجميل.. فلا يقال إن الجميل اسم من أسماء الله.. فلا يصح أن يسمي الشخص ابنه عبد الجميل مثلا .. الجميل ليس اسما من أسماء الله حتى يصح أن يسمي الرجلُ مولودَه عبد الجميل.


التسمية بالقيوم لا تجوز إلا لله.. القيوم معناه الدائم الذي لا يزول.. وقيل [معناه القائم بتدبير خلقه لأن تدبير جميع الأشياء لا يكون إلا لله. وأما الملائكة الذين وصفهم الله بقوله في سورة النازعات {فالمدبرات أمرا} فإنما يدبرون في أمور خاصة كالمطر والريح والنبات وأشياء أخرى وليس في كل شيء].. وقال بعض العلماء [القيوم هو القائم بنفسه الذي لا يحتاج إلى غيره] ..


يجوز أن يقال [يا عظيمَ الجاه يا الله].. الجاه يضاف إلى الله تعالى على المعنى الذي يليق بالله وليس على المعنى الذي يكون للمخلوق. والشَّرَفُ أيضا يضاف إلى الله على المعنى الذي يليق بالله وليس على المعنى الذي يكون للمخلوق. فالمؤمن إذا قال [وشرفِ الله] فإنه يعني به: وعظمةِ الله ..
الشَّرَفُ معناه العظَمة .. فإذا قال قائل [أقسم بشرف الله] فليس فيه ضرر. لأن معنى شرَف الله عظمة الله  أما في لغة أهل بعض البلاد فالشرَف من صفات المخلوق. يفهمون منه معنى خاصّا بالمخلوق قائما به. فالذي يفهم من كلمة الشرف معنى خاصّا بالمخلوق ومع ذلك يقول [وشرفِ الله] فقد كفر .. لكنْ في لغة العرب إذا قيل [شرفُ الله] فهو كلام صحيح معناه عظَمة الله [شرف الله] معناه عظَمة الله. هكذا هو في أصل اللغة. ورد في [مسند الإمام أحمد/باقي مسند المكثرين] عن رسول الله أنه قال [اللهم لك الشَّرَفُ على كل شرف ولك الحمد على كل حمد] وأما من قال [شَرَفُ الله] على معنى العِرْضِ فقد كفر .. إذا قيل [شَرَفُ الله أعظم من كل شرف] فإن المعنى صحيح .. معناه: عظَمة الله أعظم من عظَمة كل ما سوى الله .. كذلك قولنا [جاه الله] ما فيه ضرر، لأن معناه عظَمة الله ..

الإمام الأشعري يقول [لا يجوز تسمية الله إلا بما ورد في الكتاب والسنة الصحيحة أو الإجماع] .. وهذا هو المعتمد .. لا يجوز عند الإمام أبي الحسن الأشعري تسمية الله إلا بما صح وروده شرعا أي بما ورد في القرءان أو الحديث الصحيح أو بما أجمعت عليه الأمة .. وأما بغير ما صح وروده شرعا فلا يجوز عنده .. هذا شرط قبوله عنده .. لكن بعض أتباع أبي الحسن يقولون يجوز تسمية الله بالوصف ولو لم يكن وارداً بشرط أن لا يوهم النقص .. عندهم يجوز تسمية الله [الطاهر] لأنه لا يوهم النقص .. [الطاهر] معناه المنزّه عن الصفات التي لا تليق به .. فتسمية الأب ابنَه [عبد الطاهر] عندهم يجوز .. هؤلاء أجازوا إطلاق اللفظ غيرِ الوارد على الله إذا كان وصفا غيرَ موهِم لما لا يليق بالله تعالى .. واتفقوا على منع إطلاق اللفظ الموهِم ما لا يليق بالله على الله .. وهذا فيما كان وصفا لا فيما كان جامدا من أسماء الأعيان كالروح، فإنه ممنوع بالاتفاق.. فإطلاق سيد قطب [الريشة المبدعة] على الله ممنوع بالاتفاق لأنه ليس وصفا .. وكذلك إطلاقه [القوة] على الله ممنوع أيضا بالاتفاق لأنه ليس وصفا .. فـ [الريشة] اسم من أسماء الأعيان أي الجمادات، و[القوة] صفة وليست وصفا أي ليست لفظا من ألفاظ الوصف كالطاهر والناصر اللذَين هما على وزن فاعل ..


لكن قول الإمام أبي الحسن الأشعري بأن أسماء الله تعالى توقيفية هو المعتمد .. ووافقه على ذلك الباقلاني وأبو منصور البغدادي ..
قال الإمام الباقلاني [ما أطلق الله على نفسه أطلقناه عليه وما لم يطلقه على نفسه لا نطلقه عليه] .. وقال أبو منصور البغدادي [لا مجال للقياس في أسماء الله وإنما يراعى فيها الشرع والتوقيف].

فإن قيل: كيف جاز إطلاق الموجود والواجب والقديم والصانع والأزلي ونحو ذلك على الله مما لم يرد به في الشرع نص ؟؟.


قلنا: اسم الصانع اشتهر على ألسنة المتكلمين في هذا العلم ولم يرد في الأسماء .. يقول الله تعالى في سورة النمل {صُنْعَ الله الذي أتقن كل شيء} .. وقد جاز إطلاق الصانع على الله بطريق الإجماع ، وهو دليل شرعي .. ولعلهم أخذوا له هذا الاسم من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم [إن الله يصنع كلَّ صانع وصنعتَه] .. ذكره ابن حجر في
[(فتح الباري)/كتاب التوحيد] من حديث حذيفة مرفوعا وقال [هو حديث صحيح] .. كما ثبت في [(صحيح مسلم)/كتاب الذكر والدعاء] أن رسول الله قال [فإن الله صانعُ ما شاء] ..

قال الإمام ابو منصور البغدادي في كتابه [(تفسير الأسماء والصفات)/ص28]، وهو كتاب مخطوط ما نصه [واستدل أصحابنا على أن الصانع لا يشبه شيئا من خلقه بأن قالوا .. .. ..].

ولقد ورد في تعداد أسماء الله الحسنى لفظ القديم .. وإسناده لم يثبت .. لكن مع عدم ثبوت إسناد الحديث فقد أجمعت الأمة على جواز إطلاق القديم على الله .. ذكر ذلك الحافظ الزبيدي في (شرح إحياء علوم الدين) .. ويدل على ذلك أيضا ما ورد من أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا أراد دخول المسجد [أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم] .. والحديث إسناده حسن .. فإذا ثبت جواز إطلاق القديم على سلطان الله تعالى جاز إطلاقه على الذات .. وقولنا [إن الله قديم] معناه لا بداية لوجوده، معناه موجود غير مخلوق، وليس المراد القدم الزماني لأن الله لا يجري عليه زمان.

واحذروا كتاب محمد سعيد البوطي (كبرى اليقينيات الكونية) فإن فيه تسمية الله بالعلة الكبرى والسبب الأول والواسطة والمصدر والمنبع .. وكل هذه التسميات إلحاد .. قال ذلك عند شرحه لقوله تعالى في سورة الأعراف {ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحِدون في أسمائه سيُجزَون ما كانوا يعملون} .. والغريب أنه أورد الآية ثم أمعن إلحادا في أسماء الله.

قال النسفي في (تفسيره) [ومن الإلحاد تسمية الله بالجوهر والجسم والعقل والعلة]. قال ذلك عند شرحه لقوله تعالى في سورة الأعراف {ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها}.
وقال الإمام ركن الإسلام علي بن الحسين السُّغْدي [من سمى الله علة أو سببا كفَر]. وهذا الإمام هو محدث فاضل، سكن بخارى وروى عن إبراهيم بن سلمة البخاري، ومات سنة 461 للهجرة. وسغد هي إحدى منتزهات الدنيا .

وأما ما زعمه بعض الجهال حديثا قدسيّا [كنت كنزا مَخْفِيّا فأردت أن أعرف] فهو موضوع لا أصل له.. ذكر ذلك الحافظ الزركشي والحافظ العسقلاني والحافظ السيوطي ومُلّا علي القاري والعجلوني ومحمد الحوت والسخاوي ..


هؤلاء العلماء نصوا على أن هذا الحديث هو من جملة الأحاديث التي لا أصل لها وأن هذا الكلام المنسوب زورا إلى الله، عز وجل، يذكره بعض مدعي التصوف تساهلا منهم. ومعناه فاسد لا يصح. ولفظه موضوع فاسد. فمن أراد به الاسم فقد كذّب قول الله تعالى {ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها}، و[كنز] إسم جماد، فكيف يتسمى الله به ؟؟!!.. ومن أراد به التشبيه فقد كفر أيضا لأن الله لا يشبَّه بخلقه. و[مَخْفِيّا] اسم مفعول، أي غيره أخفاه. والله هو المتصرف في العالم كما يريد ولا أحد يتصرف في الله. وليس مقبولا أن يُتكلف له معنى لأنه مخالف للنصوص القرءانية. فهذا الكلام المنسوب إلى الله فيه كفران: زَعْمُ الراوي أن الله يسمي نفسَه بأسماء الجمادات، والثاني زَعْمُ الراوي أن الله يقول بأن غيره أخفاه.


والحمد لله رب العالمين


رابط ذو صله : http://www.sunnaonline.org
القسم : العقــيدة الإســلامية
الزيارات : 13721
التاريخ : 13/1/2011