www.sunnaonline.org

في ذكرى ولادة النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم

بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمدَ للهِ نحمَدُهُ سُبحانَه وتَعالَى وَنَسْتَهْدِيهِ وَنَشْكُرُه، وَنَعُوذُ باللهِ مِنْ شُرورِ أَنْفُسِنَا وَسَـيِّـئَاتِ أَعْمَالِنا، مَن يهدِ اللهُ فلا مُضِلَّ لَهُ ومن يُضلِلْ فلا هَادِيَ لهُ، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له ولا مَثيلَ لَهُ ولا ضِدَّ ولا نِدَّ ولا أَعضاءَ ولا هيئةَ ولا صورةَ ولا شكلَ ولا مكانَ لهُ، وأشهدُ أنَّ سيدَنا وحبيبَنا وعظيمَنَا وقائِدَنا وقرَّةَ أعيُنِنا محمدًا عبدُه ورسولُه وصفيُّه وحبيبُه بلَّغَ الرِّسالَةَ وأدَّى الأمانَةَ ونصَحَ الأُمَّةَ فجزاهُ اللهُ عنا خيرَ ما جَزَى نبيًا من أنبيائِه. اللهم صلِّ على محمدٍ صلاةً تقضِي بِها حاجاتِنا وَتُفَرِّجُ بِها كُرُباتِنا وَتَكفِينَا بِها شَرَّ أعدائِنا وسلِّمْ عليه وعلى ءالِه سلامًا كثيرًا.

أما بعد عبادَ اللهِ، فَإِنِّي أُحِبُّكُمْ في اللهِ وَأُوصِيكُمْ ونفسِيَ بِتَقْوَى اللهِ العَلِيِّ العظيمِ، فَواللهِ تَقْوى اللهِ مَا جَاوَرَتْ قَلْبَ امْرِئٍ إِلاَّ وَصَلَ.
يقولُ اللهُ تعالَى في مُحْكَمِ التَّنـزِيلِ ﴿لَقَدْ جَاءَكَمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عليهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ سورةُ التوبةِ / 4.
1
ولما ءَانَ بُروزُ حَقِيقَتِه الْمُحَمَّدِيَّة، وإِظْهَارُهُ جِسْمًا وَرُوحًا بِصُورَتِه وَمَعْنَاه، نَقَلَهُ إلى مَقَرِّهِ مِنْ صَدَفَةِ ءامِنَةَ الزّهريَّة، وَخَصَّهَا القَرِيبُ الْمُجِيبُ بِأَنْ تَكُونَ أُمًّا لِمُصْطَفَاه، وَنُودِيَ فِي السَّماواتِ وَالأَرْضِ بِحَمْلِهَا لأَنْوارِه الذاتِيَّة، وَصَبَا كُلُّ صبٍّ لِهُبُوبِ صبَاه، وَكُسِيَتِ الأَرْضُ بَعْدَ طُولِ جَدْبِها مِنَ النَّباتِ حُلَلاً سُنْدُسِيَّة، وأَيْنَعَتِ الثِّمَارُ وَأَعْطَى الشَّجَرُ لِلْجانِي جَنَاه، وَبَشَّرَتْ هَوَاتِفُ الْجِنِّ بإِظلالِ زمَنِه، وَلَهَجَ بِخَبَرِهِ كُلُّ حَبْرٍ خَبِيرٍ وَفِي حُلا حُسْنِهِ تَاه، وَأُتِيَتْ أُمُّهُ فِي المنامِ فَقِيلَ لَهَا إِنَّكَ قَد حَمَلْتِ بِسَيِّدِ العالَمينَ وَخَيْرِ البَرِيَّةِ، فَسَمِّيهِ إِذَا وَضَعْتِهِ مُحَمَّدًا فَإِنَّهُ سَتُحْمَدُ عُقْبَاهُ.

أما شَهْرُ مَوْلِدِهِ فَهُوَ شَهْرُ رَبِيعِ الأَوَّلِ، وَأَمَّا يَوْمُ مَوْلِدِهِ مِنَ الشَّهْرِ فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ كانَ لِثِنْتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنَ الشَّهْرِ المذكورِ.
أما يَوْمُ مَوْلِدِه فَهُوَ يَوْمُ الاثنَيْنِ بِلا خِلافٍ، فَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ عَن أبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ رضيَ اللهُ عنهُ أنهُ قالَ: سُئِلَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن صَومِ يومِ الاثنَينِ فقالَ [ذاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ، وَأُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهِ]. أما عَامُ مَوْلِدِهِ فَهُوَ عَامُ الفِيلِ، قالَ ابنُ عَبْدِ البَرِّ [وُلِدَ بَعْدَ قُدومِ الفِيلِ بِشَهْرٍ، وَقِيلَ بِأَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَقِيلَ بِخَمْسِينَ يَوْمًا]. وأما مَكَانُ مَوْلِدِهِ فالصَّحيحُ المحفُوظُ أنهُ كانَ بِمَكَّةَ الْمُشَرَّفَةِ، وَالأَكْثَرُ أنهُ كانَ في المحلِّ المشهورِ بِسُوقِ الليل. وَيُعْرَفُ المكانُ اليَوْمَ بِمَحَلَّةِ المولِدِ.

وقد رُوِيَ أَنَّ ءامِنَةَ لَمَّا حَمَلَتْ بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم كانَتْ تَقُولُ [ما شَعَرْتُ أَنِّي حَمَلْتُ وَلا وَجَدْتُ لَهُ ثِقلاً كَمَا تَجِدُ النساءُ إِلاَّ أَنِّي أَنْكَرْتُ رَفْعَ حَيْضِي، وَأَتَانِي ءَاتٍ وَأَنَا بَيْنَ النَّوْمِ وَاليَقَظَةِ فَقَالَ: هَلْ شَعَرْتِ أَنَّكِ حَمَلْتِ؟ فَكَأَنِّي أَقُولُ: مَا أَدْرِي فَقَالَ: إِنَّكِ حَمَلْتِ بِسَيِّدِ هذهِ الأُمَّةِ وَنَبِيِّهَا، قَالَتْ: فَكَانَ ذلِكَ مِمَّا يَقَّنَ عندِي الحَمْلَ. فَلَمَّا دَنَتْ وِلادَتِي أَتَانِي ذَلكَ فَقَالَ: قُولِي أُعِيذُهُ بِالوَاحِدِ الصَّمَدِ مِنْ شَرِّ كُلِّ حَاسِدٍ].


قالت ءامِنَةُ فَلَمَّا دَخَلَ شَهْرُ ربيعِ الأَولِ في اثنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً خلَتْ مِنْهُ وَهِيَ ليلةُ الاثنينِ مِنَ الليَالِي البِيضِ اللاتِي ليسَ فِيهِنَّ ظَلامٌ، وَكانَ عبدُ الْمُطَّلِبِ قد خَرَجَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ هُوَ وَأَوْلادُه وَلَمْ يَبْقَ عِنْدَ ءَامِنَةَ ذَكَرٌ وَلا أُنْثَى وَقَدْ أَغْلَقَ عَبْدُ المطَّلِبِ عليهَا البابَ خَوْفًا عَلَيْهَا مِنْ طَارِقٍ يطرقُها، قالَتْ ءَامِنَةُ: وبقِيتُ في المنْزِلِ وحيدةً إِذْ سَمِعْتُ حرَكَةً بينَ السماءِ وَالأَرضِ ورأيتُ مَلَكًا بِيَدِِهِ ثلاثَةُ أَعْلام، فَنَشَرَ الأَوَّلَ علَى مَشْرِقِ الأرضِ، والثَّانِي على مَغْرِبِها، وَالثالِثَ علَى البيتِ الحرامِ.

قالت ءامنةُ: ولَمْ يَأْخُذْنِي مَا يأخُذُ النساءَ منَ الطَّلقِ إلاَّ أنِّي أَعْرَقُ عَرَقًا شَدِيدًا كالمِسْكِ الأَذْفَرِ لَمْ أَعْهَدْهُ قبلَ ذلكَ مِنْ نَفْسِي فَشَكَوْتُ العَطَشَ فإذَا بِمَلَكٍ نَاوَلَنِي شَرْبَةً مِنَ الفِضَّةِ البَيضَاءِ فيهَا شَرَابٌ أَحْلَى مِنَ العَسَلِ وأَبْرَدُ مِنَ الثَّلْجِ وَأَزْكَى رَائِحَةً مِنَ المِسْكِ الأذفَرِ فتناولتُهَا فَشَرِبْتُهَا فأضَاءَ علَيَّ منها نُورٌ عظِيمٌ فَحِرْتُ لذلكَ، وَجَعَلْتُ أَنْظُرُ يَمِينًا وَشِمالاً وَقَدِ اشْتَدَّ بيَ الطَّلْقُ، فَبَيْنَمَا أنَا كَذَلِكَ فَإِذَا أنَا بِطَائِرٍ عظِيمٍ أبيضَ قد دخلَ علَيَّ وأَمَرَّ بِجَانِبَةِ جَنَاحَيْهِ عَلَى بَطْنِي وَقَالَ: انزِلْ يا نَبِيَّ اللهِ. فأعانَنِي عَالِمُ الغَيْبِ والشَّهَادَةِ عَلَى تَسْهِيلِ الوِلادَةِ فوَضَعْتُ الحبيبَ محمدًا.

ولما وَضَعَتْ ءامِنَةُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم سارَعَتْ إِلَى طَلْعَتِه ثَلاثَةٌ مِنَ الملائكَةِ الأعلامِ مَعَ أحدِهم طَسْتٌ مِنَ الذَّهَبِ ومَعَ الثانِي إبريقٌ مِنَ الذَّهَبِ ومَعَ الثالِثِ مِنْدِيلٌ مِنَ السُّنْدُسِ الأَخْضَرِ وَغَسَّلُوهُ بِمَاءِ الرَّحِيقِ. يا سَيِّدِي يا حَبِيبَ اللهِ:


يـا أَكْمَلَ الخَلْقِ يا مَنْ لا مُضَاهِيَ لَهُ يا كَامِلَ الحُسْنِ أنتَ السُّؤْلُ وَالأَرَبُ
جمَعْتَ في الحُسْنِ أَوْصَافًا كَمَا جُمِعت لَكَ الْمَلاحَةُ يـَا مَنْ عِشْـقُه يَجِبُ
أنتَ المـرادُ وَأَنْتَ القَصْـُد أَجْمَعُهُ يـَا مَنْ لَهُ كَـرَمٌ يَا مَنْ لَـهُ رُتَبُ
صـلَّى علَيْكَ إِلَهُ العَرشِ مَا طَلَعَتْ شَـمْسُ النَّهارِ وَمَالَ الظِّلُّ يَغْتَرِبُ

وَقدْ وُلِدَ صلى الله عليه وسلم مَكْحُولاً مَدْهُونًا مَسْرُورًا مَخْتُونًا. ورَوَى أحْمَدُ والبيهَقِيُّ وَالطَّيَالِسِيُّ بإِسنادِهِم عن أبِي أُمَامَةَ قالَ: قيلَ يَا رَسُولَ اللهِ ما كانَ بَدْءُ أمرِكَ؟ قالَ [دَعْوَةُ أبِي إِبْراهِيمَ، وَبُشْرَى عيسَى ابنِ مريمَ، ورَأَتْ أمِّي أنهُ خَرَجَ منهَا نُورٌ أضاءَتْ لَهُ قُصورُ الشَّامِ]. أما قولُه عليه الصلاةُ والسلامُ
[دعوَةُ أبِي إِبْراهِيمَ] فهوَ أنَّ إبراهيمَ عليهِ السلامُ لما بَنَى البَيْتَ دَعَا رَبَّه فقالَ ﴿رَبَّنا وابْعَثْ فيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عليهِمْ ءاياتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ سورةُ البقرةِ / 129، فاستجابَ اللهُ تعالَى دعاءَهُ في نَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم وجعَلَهُ الرَّسُولَ الذي سألَهُ إبراهِيمُ عليهِ السَّلامُ. وأمّا قولُه عليهِ الصَّلاةُ والسلامُ [وبُشْرَى عيسَى ابنِ مريَمَ] فهو أن سيدَنا عيسَى عليهِ السلامُ بَشَّرَ قومَهُ بسيدِنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم كما أخبرَ القرءانُ الكريمُ حِكايَةً عن عيسى عليهِ السلامُ ﴿وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يأتِي مِنْ بَعْدِي اسمُهُ أَحْمَدُ سورة الصف / 6.

وقد خرجَ معَهُ نورٌ أضاءَ لَهُ المشرِقُ وَالْمَغْرِبُ، يقولُ عليهِ الصلاةُ وَالسَّلامُ
[رَأَتْ أُمِّي حينَ وَضَعَتْنِي سَطَعَ مِنْهَا نورٌ أَضَاءَتْ قُصورُ بُصْرَى] وَبُصْرَى هذه من مُدُنِ الشامِ القديمَةِ هي تُعَدُّ مِنْ أَرْضِ حَوْران مِمَّا يَلِي الأُرْدُنّ. أمُّهُ عليه السلامُ رأَتْ بِهذَا النُّورِ الذي خَرَجَ منهَا قُصُورَ بُصْرَى بعينِها لولا أَنَّها مُؤْمِنَةٌ مَا أُعطِيَتْ هذهِ القُوَّةَ بعينِها حتَّى تَرَى قُصُورَ بُصْرَى. وهذا الحديثُ ثابِتٌ رواهُ الحافِظُ ابنُ حجَرٍ في الأَمَالِيِّ وحسَّنَهُ فنقولُ كَمَا قالَ أبو حنيفَةَ رضِيَ اللهُ عنهُ والِدَا الرَّسولِ مَا مَاتَا كَافِرَيْنِ، مَا المانِعُ أَنْ يكونَا أُلْهِمَا الإِيمانَ بِاللهِ فَعَاشَا مُؤْمِنَيْنِ لا يَعبُدَانِ الوَثَنَ، لا مانِعَ. والمقصُودُ أَنَّ ليلَةَ مَوْلِدِ الرسولِ صلى الله عليه وسلم ليلةٌ شريفَةٌ عَظِيمَةٌ مُبَارَكَةٌ، ظاهِرَةُ الأَنْوارِ، جَلِيلَةُ الْمِقْدَارِ، أَبْرَزَ اللهُ تعالَى فيهَا سَيِّدَنا مُحَمَّدَّا إلى الوُجُودِ، فولَدَتْهُ ءامِنَةُ في هذهِ الليلَةِ الشريفَةِ مِنْ نِكَاحٍ لا مِنْ سِفَاحٍ، فظَهَرَ لَهُ مِنَ الفَضْلِ وَالْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ مَا بَهَرَ العُقُولَ وَالأَبْصَارَ، كمَا شَهِدَتْ بِذَلِكَ الأحادِيثُ والأخبارُ.

نحمَدُكَ اللهمَّ أَنْ أَظْهَرْتَ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم ونسألُكَ رُؤيتَه وَزِيارَتَه وشفاعَتَه وأَعِدْ علينَا ذِكْرَى ولادَتِه بِالخيرِ واليُمْنِ والبَرَكاتِ.

هذا وأستَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُم.

الخطبَةُ الثانِيَةُ:

إن الحمدَ للهِ نحمَدُهُ سُبحانَه وتَعالَى وَنَسْتَهْدِيهِ وَنَشْكُرُه، وَنَعُوذُ باللهِ مِنْ شُرورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّـئَاتِ أَعْمَالِنا، مَن يهدِ اللهُ فلا مُضِلَّ لَهُ ومن يُضلِلْ فلا هَادِيَ لهُ، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له وأشهدُ أنَّ سيدَنا محمدًا عبدُه ورسولُه وصفيُّه وحبيبُه صلَّى اللهُ عليهِ وعلى كلِّ رسولٍ أرسلَه.

أما بعد عبادَ اللهِ، فَإِنِّي أُوصِيكُمْ ونفسِيَ بِتَقْوَى اللهِ العَلِيِّ العظيمِ القائلِ في محكم كتابه ﴿وافعَلُوا الخيرَ لعلَّكم تُفلِحون سورة الحج / 77. وَمِنَ الخيرِ الاحتِفَالُ بمولِدِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وهو بِدْعَةٌ حسنَةٌ وسُنَّةٌ مُسْتَحَبَّةٌ لأنَّ فيهِ إظهارَ الفرحِ والاستِبْشَارِ بمولِدِهِ عليهِ الصلاةُ والسَّلامُ وَشُكْرِ اللهِ تعالَى علَى هذهِ النعمَةِ العظيمَةِ ففِي هذه الذكرَى الشريفَةِ المبارَكَةِ يَكْثُرُ الإحسانُ والعَطَاءُ وَيَجْتَمِعُ المسلمونَ وَيَتْلُونَ السِّيرَةَ الشريفَةَ وَيَذْكُرونَ اللهَ تعالَى كَثِيرًا وَكُلُّ ذلكَ مُوافِقٌ للدينِ. وأما مَا رُوِيَ عن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنهُ قالَ [إيَّاكُم ومُحدثَاتِ الأُمورِ فإنَّ كلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُل بِدعَةٍ ضَلالَةٌ]. فَمُحْدَثَاتُ الأُمورِ التي ذَمَّها رسولُ اللهِ ما أُحْدِثَ على خِلافِ الكِتَابِ (أي القرءَانِ) والسنَّةِ (أي الحديثِ) وَالإِجْمَاعِ (أي إِجماعِ المجتَهِدِينَ من أمةِ محمَّدٍ) والأَثَرِ (وَهُو كَلامُ الصحابَةِ)، هذهِ هي بدعةُ الضلالةِ التي يقولُ عنهَا رَسولُ اللهِ [وكل بدعةٍ ضلالةٌ]. وأما الأُمورُ التي أُحدِثَتْ على وِفَاقِ القُرءانِ والحديثِ والإِجماعِ والأَثرِ فلَيْسَتْ بدعَةَ ضلالَةٍ بل هي السُّـنَّةُ الحسنَةُ التي عَنَاهَا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِقَولِه [مَنْ سَنَّ في الإِسلامِ سُـنَّةً حَسَنَةً كانَ لَهُ أجرُها وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ لا يَنْقُصُ مِنْ أُجورِهِمْ شَىءٌ] رواهُ مسلمٌ.

واعلَموا أنَّ اللهَ أمرَكُمْ بأمْرٍ عظيمٍ، أمرَكُمْ بالصلاةِ والسلامِ على نبيِهِ الكريمِ فقالَ
﴿إنَّ اللهَ وملائكتَهُ يصلُّونَ على النبِيِ يَا أيُّهَا الذينَ ءامَنوا صَلُّوا عليهِ وسَلّموا تَسْليمًا اللّـهُمَّ صَلّ على سيّدِنا محمَّدٍ وعلى ءالِ سيّدِنا محمَّدٍ كمَا صلّيتَ على سيّدِنا إبراهيمَ وعلى ءالِ سيّدِنا إبراهيم وبارِكْ على سيّدِنا محمَّدٍ وعلى ءالِ سيّدِنا محمَّدٍ كمَا بارَكْتَ على سيّدِنا إبراهيمَ وعلى ءالِ سيّدِنا إبراهيمَ إنّكَ حميدٌ مجيدٌ، يقول الله تعالى ﴿يا أيُّها الناسُ اتَّقـوا رَبَّكـُم إنَّ زلزَلَةَ الساعَةِ شَىءٌ عَظِيمٌ يومَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حملَها وَتَرَى الناسَ سُكارَى ومَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عذابَ اللهِ شَديدٌ، اللّـهُمَّ إنَّا دعَوْناكَ فبجاه محمّد استجبْ لنا دعاءَنا ، اللهم بجاه محمّد اغفرِ لنا ذنوبَنا وإسرافَنا في أمرِنا، اللّـهُمَّ اغفِرْ للمؤمنينَ والمؤمناتِ الأحياءِ منهُمْ والأمواتِ ربَّنا ءاتِنا في الدنيا حسَنةً وفي الآخِرَةِ حسنةً وقِنا عذابَ النارِ، اللّـهُمَّ بجاه محمّد اجعلْنا هُداةً مُهتدينَ غيرَ ضالّينَ ولا مُضِلينَ ، اللّـهُمَّ بجاه محمّد استرْ عَوراتِنا وءامِنْ روعاتِنا واكفِنا مَا أَهمَّنا وَقِنا شَرَّ ما نتخوَّفُ. عبادَ اللهِ إنَّ اللهَ يأمرُ بالعَدْلِ والإحسانِ وإيتاءِ ذِي القربى وينهى عَنِ الفحشاءِ والمنكرِ والبَغي، يعظُكُمْ لعلَّكُمْ تذَكَّرون. اذكُروا اللهَ العظيمَ يذكرْكُمْ واشكُروهُ يزِدْكُمْ، واستغفروه يغفِرْ لكُمْ واتّقوهُ يجعلْ لكُمْ مِنْ أمرِكُمْ مخرَجًا، وَأَقِمِ الصلاةَ.


رابط ذو صله : http://www.sunnaonline.org
القسم : منـاسبات إسـلامية
الزيارات : 5384
التاريخ : 26/1/2011