www.sunnaonline.org

الحديث: ستة لعنتهم ولعنهم الله وكل نبي مجاب

قال الشيخ عبد الرزاق الشريف حفظه الله تعالى:

الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَهُ النِّعْمَةُ وَلَهُ الْفَضْلُ وَلَهُ الثَّنَاءُ الْحَسَن، صَلَوَاتًُ اللهِ الْبَرِّ الرَّحِيمِ وَالْمَلائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ وَحَبِيبِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَعَلَى جَمِيعِ إِخْوَانِهِ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ وَءَالِ كُلٍّ وَالصَّالِحِينَ وَسَلامُ اللهِ عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ

أَمَّا بَعْدُ فَاعْلَمُوا رَحِمَكُمُ اللهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ دَعْوَتُهُ مُجَابَة وَكَذَلِكَ كُلُّ الأَنْبِيَاءِ دَعْوَتُهُم مُجَابَة. رَوَى ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ [سِتَّةٌ لَعَنْتُهُم وَلَعَنُهُم اللهُ وَكُلُّ نَبِيٍّ مُجَاب: الزَّائِدُ فِي كِتَابِ اللهِ، وَالْمُكَذِّبُ بِقَدَرِ اللهِ، وَالْمُسْتَحِلُ لِحَرَمِ اللهِ، وَالْمُسْتَحِلُ مِنْ عِتْرَتِي مَا حَرَّمَ اللهُ، وَالْمُتَسَلِّطُ بِالْجَبَرُوتِ لِيُذِلَّ مَنْ أَعَزَّ اللهُ وَيُعِزَّ مَنْ أَذَلَّ اللهُ، وَالتَّارِكُ لِسُنَّتِي]

اللَّعْنُ هُوَ الإِبْعَادُ مِنَ الْخَيْرِ، الْمَعْنَى أَنَّ هَؤُلاءِ السِّتَّة مُبْعَدُونَ مِنَ الْخَيْرِ أَوَّلُهُم الزَّائِدُ فِي كِتَابِ اللهِ، وَالزِّيَادَةُ أَنْوَاعٌ مِنْهَا أَنْ يَزِيدَ الشَّخْصُ بِنِيَّةِ أَنْ يُوهِمَ النَّاسَ أَنَّ هَذَا قُرْءَانٌ وَهُوَ لَيْسَ مِنَ الْقُرْءَانِ فَهَذَا أَشَدُّهُمْ إِثْمًا، فَمَنْ زَادَ شَيْئًا فِي الْقُرْءَانِ عَلَى أَنَّهُ مِنْهُ فَقَد كَفَرَ. وَالثَّانِي هُوَ مَنْ يَزِيدُ حَرْفًا مِنْ أَجْلِ تَحْسِينِ الصَّوْتِ عَمْدًا لَيْسَ عَلَى اعْتِقَادِ أَنَّهُ مِنَ الْقُرْءَانِ فَهَذَا أَقَلُّ إِثْمًا وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ عُصَاةِ الْمُسْلِمِينَ. وَالثَّالِثُ هُوَ الَّذِي يَزِيدُ حَرْفًا مِنْ دُونِ تَعَمُّدٍ إِنَّمَا جَهْلاً مِنْهُ بِالتِّلاوَةِ الَّتِي أُنْزِلَت عَلَى النَّبِيِّ فَهَذَا أَقَلُّ إِثْمًا مِنَ الأَوَّلَيْنِ، كَمَنْ يُوَلِّدُ حَرْفًا بَيْنَ الْهَمْزَةِ وَالنُّونِ الْمُشَدَّدَةِ فَيَقُولُ: إِيينَّا بَدَلَ إنَّا، وَكَذَلِكَ مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ الْعَجَمِ مِنْ زِيَادَةِ وَاوٍ أَمَامَ حَرْفِ الْغُنَّةِ إِذَا سَبَقَهُ ضَمَّة يَقُولُونَ: مَاهُوونَّ لأَنَّهُ لَيْسَ فِي لُغَتِهِم غُنَّة وَإِنَّمَا هِيَ مِنْ خَصَائِصِ لُغَةِ الْعَرَبِ، وَكَذَلِكَ يَزِيدُونَ أَلِفًا جَوْفِيَّةً وَيُقَالُ لَهَا الألِفُ اللَّيِّنَة بَيْنَ الْحَرْفِ الَّذِي قَبْلَ النُّونِ الْمُشَدَّدَةِ وَبَيْنَ النُّونِ يَقُولُونَ: ءَانَّ لَهُمُ النَّار، وَكُلُّ هَذَا حَرَامٌ.

قَالَ الْعُلَمَاءُ: الْقِرَاءَةُ سُنَّةٌ مُتَّبَعَةٌ فَلا يَجُوزُ لِلْمَرْءِ أَنْ يَتَفَنَّنَ فِيهَا بِزِيَادَةِ حَرْفٍ أَوْ تَغْيِيرِ حَرْفٍ وَلَوْ أَتَى بِالْمَعْنَى الَّذِي يُوَافِقُ مَعْنَى الآيَةِ. أَمَّا حَدِيثُ الرَّسُولِ فَيَجُوزُ رِوَايَتُهُ بِالْمَعْنَى وَهَذَا أَمْرٌ شَائِعٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى الصَّحَابَة مَا كَانُوا مُلْتَزِمِينَ أَنْ يَرْوُوا حَدِيثَ رَسُولِ اللهِ بِاللَّفْظِ الَّذِي خَرَجَ مِنْ فَمِهِ بَلْ كَانُوا يَسْتَجِيزُونَ أَنْ يَرْوُوا بِالْمَعْنَى إِنَّمَا الضَّرَرُ هُوَ تَغْيِيرُ الْمَعْنَى، وَعَلَى هَذَا كَانَ أَكْثَرُ الْمُحَدِّثِينَ وَمِنَ هُنَا مَنْشَأُ رِوَايَة الْحَدِيث بِعِدَّةِ أَلْفَاظٍ.

أَمَّا الْقُرْءَانُ أُنْزِلَ لِتَحَدِّي الْمُعَارِضِينَ أَيْ لإِعْجَازِ الْكُفَّارِ الَّذِينَ كَانُوا يُكَذِّبُونَ رَسُولَ اللهِ فَلَمْ يَسْتَطِيعُوا أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِهِ وَلا بِمِثْلِ سُورَةٍ مِنْهُ مَعَ أَنَّهُ كَانَ عَصْرًا بَلَغَت فِيهِ الْبَلاغَةُ وَالْفَصَاحَةُ الْقِمَّة وَمَعَ أَنَّ الْقًرْءَانَ أُنْزِلَ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ فَلِذَلِكَ لا يَجُوزُ تِلاوَةُ الْقُرْءَانِ بِحَسَبِ الْمَعْنَى مَعَ تَرْكِ اللَّفْظِ الْمُتَلَقَّى عَنْ رَسُولِ اللهِ.

أَمَّا إِذَا كَانَ الشَّخْصُ لا يَحْفَظُ الآيَةَ يَقُولُ وَرَدَ فِي الْقُرْءَانِ مَا مَعْنَاهُ فَهَذَا جَائِزٌ وَلا نَقُولُ قَالَ اللهُ تَعَالَى كَذَا وَكَذَا وَنُورِدُ أَلْفَاظًا لَيْسَت مِنْ أَلْفَاظِ الْقًرْءَانِ. وَأَمَّا حَدِيثُ [مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ] فَالْمُرَادُ بِهِ مَنْ غَيَّرَ مَعْنَى الْحَدِيثِ وَنَسَبَهُ للرَّسُولِ وَنَحْوُهُ كَالَّذِي يَكْذِبُ عَلَيْهِ بِنِسْبَةِ النَّقَائِصِ إِلَيْهِ. وَكَذَلِكَ لا يَجُوزُ الْكَذِبُ بِنِيَّةِ رَفْعِ شَأْنِ الرَّسُولِ وَالتَّنْوِيهِ بِهِ فَالرَّسُولُ لَيْسَ بِحَاجَةٍ إِلَى أَنْ يُكْذَبَ لَهُ وَشَرْعُ اللهِ غَنِيٌّ عَنْ أَنْ يُكْذَبَ لَهُ.



رابط ذو صله : http://www.sunnaonline.org
القسم : القـــرءان والحــديـث
الزيارات : 8796
التاريخ : 27/2/2011