www.sunnaonline.org

طلاق الغضبان

لا فرق بين طلاق الجد وطلاق الهزل وطلاق الغضب، فالغضب ليس عذرا لمنع الطلاق، ما دام الشخص في عقله، فقد روى البخاري "كِتَاب الأدَبِ باب الْحَذَرِ مِنْ الْغَضَبِ" عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِلنَّبِيِّ: أَوْصِنِي، قَالَ [لا تَغْضَبْ]، فَرَدَّدَ مِرَاراً، قَالَ[لا تَغْضَبْ]. ورواه الترمذي بلفظ: جاءَ رجلٌ إلى النَّبيِّ فقال: علِّمني شيئًا ولا تُكثرْ عليَّ لعلَّي أعيهُ قال [لا تغضبْ]. فردَّدَ ذلكَ مرارًا، كلّ ذلكَ يقولُ [لا تغضَبْ]. وقال الترمذي : هذا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

وفي الطبراني من حديث سفيان بن عبد الله الثقفي "قلت يا رسول الله قل لي قولا أنتفع به وأقلل، قال
[لا تغضب، ولك الجنة]. وفيه عن أبي الدرداء "قلت: يا رسول الله دلني على عمل يدخلني الجنة، قال [لا تغضَبْ]. وفي حديث عبدالله بن عمرو عند أحمد أنه سأل النبي "ما يباعدني من غضب الله"  [لا تغضَبْ].

وفي رواية عند أحمد وابن حبان عن رجل من أصحاب النبي لم يسم قال: قلت يا رسول الله أوصني، قال
[لا تغضَبْ]. قال الرجل: تفكرت فيما قال النبي فإذا الغضب يجمع الشر كله. وفي رواية أخرى عند أحمد أن رجلا قال: يا رسول الله قل لي قولا وأقلل علي لعلي أعقله، قال [لا تغضَبْ]، فأعاد عليه مرارا كل ذلك يقول [لا تغضَبْ]. اهـ

فهذا الرجل طلب من النبي أن يوصيه وصية وجيزة جامعة لخصال الخير ليحفظها عنه خشية أن لا يحفظها لكثرتها ووصاه النبي أن لا يغضب ثم ردد هذه المسئلة عليه مرارا والنبي يردد عليه هذا الجواب، فهذا يدل على أن الغضب جماع الشر وأن التحرز منه جماع الخير.
وكان النبي يأمر من غضب بتعاطي أسباب تدفع عنه الغضب وتسكنه ويمدح من ملك نفسه عند غضبه . فقد أخرج الإمام أحمد وأبو داود من حديث عطيةَ بن عروةَ السعديّ الصحابي رضي اللّه عنه قال: قال: قال رسول الله [إِنَّ الغَضَبَ مِنَ الشَّيْطانِ، وَإِنَّ الشَّيْطانَ خُلِقَ مِنَ النَّارِ، وإنَّمَا تُطْفأُ النَّارُ بالمَاءِ، فإذَا غَضِبَ أحَدُكُمْ فَلْيَتَوَضَّأ].

وفي الصحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ
[لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ]. وأخرج أحمد من حديث ابن عباس [وإذا غضب أحدكم فليسكت]. وهذا يدل على أن الغضبان مكلف في حال غضبه بالسكوت فيكون حينئذ مؤاخذة بالكلام، وقد صح عن النبي أنه أمر من غضب أن يتلافى غضبه بما يسكته من أقوال وأفعال وهذا هو عين التكليف له بقطع الغضب، فكيف يقال إنه غير مكلف في حال غضبه بما يصدر منه؟!!.

وفي جامع العلوم والحكم للشيخ ابن رجب المتوفى سنة 795 هـ عند شرحه الحديث السادس عشر ما نصه
[فأما ما كان من كفر، أو ردَّةٍ، أو قتل نفس، أو أخذ مال بغير حق ونحو ذلك، فهذا لا يشك مسلم أنهم لم يُريدوا أنَّ الغضبانَ لا يُؤاخذُ به، وكذلك ما يقعُ من الغضبان من طلاق وعتاق، أو يمين، فإنه يُؤاخذ بذلك كُلِّه بغير خلاف]. ثم قال [وروى مجاهد عن ابن عباس أن رجلا قال له: إني طلقت امرأتي ثلاثا وأنا غضبان، فقال ابن عباس: لا يستطيع أن يحل لك ما حرم الله عليك عصيت ربك وحرمت عليك امرأتك. خرجه الجوزجاني والدارقطني بإسناد على شرط مسلم]. اهـ


رابط ذو صله : http://www.sunnaonline.org
القسم : المعاملات والنكاح
الزيارات : 4626
التاريخ : 1/4/2011