وأما عن مسئلة اختلاط النساء بالرجال فالجواب وبالله التوفيق: إن هذه المسئلة تحتاج إلى تفصيل فقد روى الإمام المجتهد ابن المنذر في كتابه الأوسط (ج2/401) عن أنس قال [قدمنا مع أبي موسى الأشعري فصلى بنا العصر في المِرْبَد، ثم جلسنا إلى مسجد الجامع فإذا المغيرة بن شعبة يصلي بالناس والرجال والنساء مختلطون فصلينا معهم]. وروى البخاري في صحيحه عن سهل قال [كان الرجال يصلون مع النبي صلى الله عليه وسلم عاقِدِي أُزرهم على أعناقهم كهيئة الصبيان ويقال للنساء لا ترفعن رؤسكن حتى يستوي الرجال جلوسًا].
وروى الحافظ ابن حبان عن سهل بن سعد قال [كن النساء يؤمرن في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يرفعن رءوسهن حتى يأخذ الرجال مقاعدهم من الأرض من ضيق الثياب] أي من ضيق أزر الرجال. وعند الإمام احمد وأبي داود من حديث أسماء بنت أبي بكر ولفظه [فلا ترفع رأسها حتى يرفع الرجال رءوسهم كراهية أن يرين عورات الرجال].
ففي هذه الروايات دليل على أن النساء كن يصلين خلف الرجال في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس بين صفوف الرجال وصفوف النساء ستارة، وقد قال عليه الصلاة والسلام [لا تمنعوا إماء الله مساجدَ الله] رواه البخاري. قال النووي في شرحه على المهذب ج4/484 ما نصه [ونقل ابن المنذر وغيره الإجماع على أنها ـ أي المرأة ـ لو حضرت وصلّت الجمعة جاز، وقد ثبتت الأحاديث الصحيحة المستفيضة أن النساء كن يصلين خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجده خلف الرجال، ولأن اختلاط النساء بالرجال إذا لم يكن خلوة ليس بحرام] اهـ.
ثم أليس يجتمع النساء والرجال معًا في مكة المكرمة والمدينة المنورة في موسم الحج وغيره؟ أم عندكم أيها المشوشون للنساء شريعتين شريعة في الحجاز وشريعة خارجها؟
هذا وقد صح في الحديث الذي رواه مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال [لا يدخلن أحدكم على مغيبة إلا ومعه رجل أو رجلان]. وجاء في الموطأ أنه سئل مالك هل يجوز أن يأكل الرجل وزوجته مع رجل ءاخر فقال مالك [لا بأس بذلك إذا كان ذلك على ما يعرف من أمر الناس]. اهـ.
فإذا كان جلوسها مع زوجها ورجل أجنبي للطعام جائزًا فكيف بجلوسها في مجلس تتعلم فيه أمور دينها تتلقى فيه من رجل؟! وقد ثبت في الصحيح أن الرجال كانوا يسألون السيدة عائشة رضي الله عنها عن الأحكام والأحاديث مشافهة، ذكر ذلك الحافظ العسقلاني وغيره، ومن المعروف أن العديد من المحدثات في الماضي تخرجن على العديد من الحفاظ والمحدثين ثم حدثن الرجال، فقد أخذ الحافظ ابن عساكر أفضل المحدثين بالشام في زمانه عن ألف رجل وثلاثمائة امرأة. وذكر الشيخ ابن حجر الهيتمي الشافعي في فتاويه الكبرى والشيخ أحمد بن يحيى المالكي في كتابه الذي جمع فيه فتاوى فقهاء المغرب المسمى "المعيار" وكان من أهل القرن العاشر توفي سنة 914هـ [إن الاختلاط المحرم ما كان فيه تضام وتلاصق بالأجسام].
وفي صحيح البخاري عن سهل قال [لما عرّس أبو أسيد الساعدي دعا النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فما صنع لهم طعام ولا قرّبه إليهم إلا امرأته أم أسيد] الحديث. قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في فتح الباري (ج9/ص251) [وفي الحديث جواز خدمة المرأة زوجها ومن يدعوه ولا يخفى أن محلّ ذلك عند أمن الفتنة ومراعاة ما يجب عليها من الستر] اهـ.
وهذا هو الحق، مع الصيانة وستر العورات وأمن الفتنة، أما الشخص الذي عرف من نفسه أنه لا يستطيع ان يمنع نفسه ما دام في المجلس من النظر المحرم فاستمراره هناك حرام عليه. ومما يؤكد يا أخي المسلم أن هؤلاء مدلسون أن عددًا من النساء المنتسبات إليهم يتلقين المحاضرات في الجامعات من أستاذ أجنبي وقد يكون هذا الأستاذ ينتسب إليهم فكأنهم يبيحون لأنفسهم ما يحرمون على غيرهم وكفاهم هذا خزيًا.
تاريخ الإضافة : | 19/11/2010 |
الزيارات : | 6967 |
رابط ذو صله : | http://www.sunnaonline.org |
الكاتب : | SunnaOnline | سنة اون لاين |
القسم : | رد شبه المفترين على الهرري |
التعليقات على الماده