مقال كتبه أحد طلاب الشيخ رحمه الله
سيدي، لم أكن أحسب نفسي يومًا أقف على مرمى حجر من جسدك الشريف أتلو كلمات صاغها يراع الحب والعشق والهيام.
سيدي، لم أكن أنا المريد بدرجة مبتدئ، أنظر يومًا يخفِق فيه قلبي فيما قلبك المنير ساكن وجسدك تحت التراب.
سيدي، الموت حق وقضاء الله نافذ وقدره لا رادّ له ولكن كم كنت أرجو أن لا أفتح عيني فجر يوم تكون فيه عيناك مغمضتين وجسدك بلا حراك.
سيدي، تمنيتُ كثيرًا أن تكون أنت من يحثو التراب على جسدي ويقرأ على روحي فاتحة الكتاب.
سيدي، لو كنتُ شاعرًا لقلتُ فيك ءالاف الأبيات ولكن حسبي اليوم كلمات ودموع وزفرات.
سيدي، حبذا لو تسنى لي قبيل رحيلك نظرةٌ منك ودعاءٌ، وطلبٌ مني أن تشفع لي بعد الممات.
سيدي، اثنان وثلاثون عامًا أمضيتها في حبك وسأبقى أحبك حتى يأتي الأجل.
سيدي، أذكر لقائي الأول بك حين ظهرتَ بقامتك الممشوقة مُرحّبا باسمًا وسأذكر ما حييتُ إن شاء الله لقائي الأخير أمس حين قبلتُ يدك وجبينك فيما قامتك ممدودة على فراش الموت.
سيدي، ما بين اللقاءين مشوار عمر طويل ومسيرة بدأت ببسمة وانتهت بدمعة، قلتُ "انتهت" وقصدي الجسد، أما مسيرة المعاني والتعاليم فمسيرة طويلة أمشي فيها وأولادي حتى الرمق الأخير.
سيدي، ولدي الصغير اسمه "نزار" أسميته باسم مريدك الذي قلتَ عنه إنه بألف، وإذا رُزقتُ غلامًا سأسميه باسمك "عبد الله"، وإذا جاء ءاخر سأسميه باسم حبيبك "حسام"، وإن جاء الثالث أسميه باسم ابنك "عبد الرحمن"، وإن رزقتُ بنتًا فأسميها باسم ابنتك "فاطمة". وهكذا كلما ناديتُ واحدًا منهم أذكرك يا حبيبي الغائب عن عيني تحت التراب.
سيدي، كم كانت ليلتي الأولى بعد رحيلك صعبةً مليئة بالحزن، أقصد ليلتنا الأولى نحن طلابك ومريدوك. ليالينا كلها بعد رحيلك ستكون مشحونة بالحزن والشوق، ولكنك يا حبيبي أنت من علّمتنا وأرشدتنا نحو الخير والعمل والعطاء. أنت من قلتَ جدّوا واجتهدوا في نشر الحق والعلم ومعاني الدين وحقائق الإسلام. أنت من حذرتنا من التكاسل والتقصير.
سيدي، أنت رجل عظيم رَبَّيْتَ رجالا سيواصلون دربك ومسيرتك كما لو كنت حيًّا بينهم.
سيدي، سبحان الله الذي شاء أن يكون قبرك ومقامك مجاورًا للمسجد الذي ربيت فيه الرجال، ومجاورًا للجمعية التي قلتَ فيها: توجيهاتُ الجمعية توجيهاتي. الجمعية التي أنت أقمتَ بناءها ورفعتَ شأوها وكنت مرشدَها الروحي. الجمعية التي أمرتنا أن نكون فيها عاملين بجد وصدق وإخلاص في بناء مؤسسات الخير والثقافة، وفي خدمة بلدنا ومجتمعنا وأمتنا. ونحن كما أمرتنا في حياتك سنبقى بعد مماتك. غدُنا سيكون أحسنَ من يومنا بإذن الله. وسيرتفع بنيان جمعيتك جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية أكثر فأكثر كما أمرتَ وكما أحببتَ.
سيدي، والله إنه العهد الذي عاهدناك إياه حين كنت حيا، ونجدده اليوم وأنت في مقامك القريب القريب. سيدي، أيها العارف بالله الولي الصالح والعالم الربَّاني. سيدي، الشيخ عبد الله الهرري.
رحمنا الله بك فرحمة الله عليك. انعم واهنأ في برزخك والنعيم الموعود. طبتَ حيًّا وطبتَ ميتًا. بالأمس كان وَداعُ الجسد ولكنه وداع قصير فأنتم السابقون ونحن اللاحقون. والمنتظَرُ ءات ءات ءات، لم يأت في زمنك ولكنه ءات تحت ظلال علمك ونهجك الذي زرعته في مشارق الأرض ومغاربها.
سيدي، انتهت كلماتي قبل أن يجف الحبر وتنقطع الدموع، ولكنه الوعد القاطع الذي عنه لن نحيد... أن نكون هَرريين هَرريين هَرريين... أن نكون مشاريعيين مشاريعيين مشاريعيين
تاريخ الإضافة : | 19/11/2010 |
الزيارات : | 5023 |
رابط ذو صله : | http://www.sunnaonline.org |
الكاتب : | SunnaOnline | سنة اون لاين |
القسم : | مقالات في فضائل الهرري |
التعليقات على الماده