كشف حقيقة ابن تيمية الحراني
الحمد لله المنزه عن الشبيه والمثيل والزوجة والولد والإخوان، الموجود بلا جهة ولا مكان، المنزه عن كل ما لا يليق به من الصفات والنعوت، الملك القهار ذي الجلال والجبروت، وأفضل الصلاة وأتم السلام على سيدنا محمد خير الأنام، وخاتم أنبياء الإسلام، وعلى ءاله الطاهرين، وصحبه الغر الميامين، ومن اتبع منهاجهم واقتفى أثرهم إلى يوم الدين. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
"حتى متى ترعون عن ذكر الظالم اذكروه بما فيه حتى يحذره الناس".
ا
من هذا المنطلق كان هدفنا التحذير من فرقة شاذة مبتدعة ظهرت منذ ما يقارب القرنين من الزمن يسمون الوهابية النجدية اتباع قرن الشيطان محمد بن عبد الوهاب والذي بدوره تبع شيطانا آخر هو كبير المجسمة وإمامهم المسمى أحمد بن تيمية الحراني.ا
فليعلم أن احمد بن تيمية وإن كان ذاع صيته وكثرت مؤلفاته وأتباعه، هو كما قال فيه المحدّث الحافظ الفقيه ولي الدين العراقي ابن شيخ الحفاظ زين الدين العراقي في كتابه الأجوبة المرضية على الأسئلة المكية "علمه أكبر من عقله"، وقال أيضاً "إنه خرق الاجماع في مسائل كثيرة قيل تبلغ ستين مسألة بعضها في الأصول وبعضها في الفروع خالف فيها بعد انعقاد الاجماع". وتبعه على ذلك خلق من العوام وغيرهم، فأسرع علماء عصره في الرد عليه وتبديعه، نذكر منهم:ا الإمام الحافظ تقي الدين علي بن عبد الكافي السبكي قال في الدرة المضية "أما بعد، فإنه لمّا أحدث ابن تيمية ما أحدث في أصول العقائد، ونقض من دعائم الإسلام الأركان والمعاقد، بعد أن كان مستتراً بتبعية الكتاب والسنة، مظهراً أنه داع إلى الحق هادٍ إلى الجنة، فخرج عن الاتباع إلى الابتداع، وشذّ عن جماعة المسلمين بمخالفة الإجماع، وقال بما يقتضي الجسمية والتركيب في الذات المقدّس، وأن الافتقار إلى الجزء ليس بمحال (معنى هذا الكلام الفاسد أن الله مركب من أجزاء ويحتاج إلى تلك الأجزاء والعياذ بالله)، وقال بحلول الحوادث بذات الله تعالى، وأن القرءان محدَث تكلم الله به بعد أن لم يكن، وأنه يتكلم ويسكت ويحدث في ذاته الإرادات بحسب المخلوقات، وتعدّى في ذلك إلى استلزام قدم العالم، والتزامه بالقول بأنه لا أوّل للمخلوقات فقال بحوادث لا أول لها، فأثبت الصفة القديمة حادثة والمخلوق الحادث قديماً، ولم يجمع أحد هذين القولين في ملّة من الملل ولا نِحلة من النحل، لم يدخل في فرقة من الثلاث والسبعين التي افترقت عليها الأمة، ولا وقفت به مع أمة من الأمم هِمة، وكل ذلك وإن كان كفراً شنيعاً مما تَقِل جملته بالنسبة لما أَحدث في الفروع".ا وقد أورد كثيراً من هذه المسائل الحافظ أبو سعيد العلائي شيخ الحافظ العراقي، نقل ذلك المحدث الحافظ المؤرخ شمس الدين بن طولون في ذخائر القصر (ص/69، مخطوط) حيث قال "ذكر المسائل التي خالف فيها ابن تيمية الناس في الأصول والفروع، فمنها ما خالف فيها الإجماع، ومنمها ما خالف فيها الراجح من المذاهب، فمن ذلك: يمين الطلاق، قال بأنه لا يقع عند وقوع المحلوف عليه بل عليه فيها كفارة يمين، ولم يقل قبله بالكفارة أحد من المسلمين البتة، ودام إفتاؤه بذلك زماناً طويلاً وعظم الخطب، ووقع في تقليده جم غفير من العوام وعم البلاء. وأن طلاق الحائض لا يقع وكذلك الطلاق في طهر جامع فيه زوجته، وأن الطلاق الثلاث يردّ إلى واحدة، وكان قبل ذلك قد نقل إجماع المسلمين في هذه المسألة على خلاف ذلك وأن من خالفه فقد كفر، ثم إنه أفتى بخلافه وأوقع خلقاً كثيراً من الناس فيه. وأن الحائض تطوف في البيت من غير كفارة وهو مُباح لها... وأن الصلاة اذا تركت عمداً لا يشرع قضاؤها..."ا وقال أيضا "ومن المسائل المنفرد بها في الأصول مسألة الحسن والقبح التي يقول بها المعتزلة، فقال بها ونصرها وصنف فيها وجعلها دين الله بل ألزم كل ما يبنى عليه كالموازنة في الأعمال... وأما مقالاته في أصول الدين فمنها: إن الله سبحانه محل الحوادث، تعالى الله عما يقول علواً كبيراً. وإنه مركب مفتقر إلى ذاته افتقار الكل إلى الجزء. وإن القرءان محدث في ذاته تعالى. وإن العالم قديم بالنوع ولم يزل مع الله مخلوق دائماً، فجعله موجباً بالذات لا فاعلاً بالاختيار. ومنها قوله بالجسمية والجهة والانتقال وهو مردود"ا وقال أيضا "وصرح في بعض تصانيفه بأن الله تعالى بقدر العرش لا أكبر منه ولا أصغر، تعالى الله عن ذلك، وصنف جزءاً في أنه علم الله لا يتعلق بما لا يتناهى كنعيم أهل الجنة، وأنه لا يحيط بالمتناهي، وهي التي زلق فيها بعضهم، ومنها أن الانبياء غير معصومين، وأن نبينا عليه وعليهم الصلاة والسلام ليس له جاه ولا يتوسل به أحد إلا يكون مخطئاً، وصنف في ذلك عدة أوراق. وأن انشاء السفر لزيارة نبينا معصية لا يقصر فيها الصلاة، وبالغ في ذلك ولم يقل بها أحد من المسلمين قبله. وأن عذاب أهل النار ينقطع ولا يتأبد حكاه بعض الفقهاء عن تصانيفه. ومن افراده أيضاً أن التوراة والإنجيل لم تبدل ألفاظهما بل هي باقية على ما أنزلت وإنما وقع التحريف في تأويلها، وله فيه مصنف، هذا ءاخر ما رأيت، وأستغفر الله من كتابة مثل هذا فضلاً عن اعتقاده".ا ابن تيمية استتيب مرات وهو ينقض مواثيقه وعهوده في كل مرة حتى حبس بفتوى من القضاة الأربعة الذين أحدهم شافعي والآخر مالكي والآخر حنفي والآخر حنبلي، وحكموا عليه بأنه ضال يجب التحذير منه كما قال ابن شاكر الكتبي في عيون التواريخ وهو من تلامذة ابن تيمية، واصدر الملك محمد بن قلاوون منشوراً ليقرأ على المنابر في مصر وفي الشام للتحذير منه ومن أتباعه.ا قال صلاح الدين الصفدي تلميذ ابن تيمية في أعيان العصر وأعوان النصر (1/66، مخطوط) "انفرد بمسائل غريبة، ورجح فيها أقولاً ضعيفة، عند الجمهور معيبة كاد منها يقع في هوة، ويسلم منها لما عنده من النية المرجوة...". قال ذلك فيه بعد مدحه مدحاً كثيراً.ا ولمن أردا المزيد فيما قيل في ترجمة ابن تيمية وفي حبوسه وقيام العلماء وولاة الأمر عليه فليقرأ كلام ابن حجر في الدرر الكمنة (1/144) وبعض ما ذكر فيها انه "ذكروا أنه ذكر حديث النـزول فنـزل عن المنبر درجتين فقال كنـزولي هذا، فنسب إلى التجسيم.." وقال أيضا "وافترق الناس فيه شيعاً فمنهم من نسبه إلى التجسيم لما ذكر في العقيدة الحموية والواسطية وغيرهما من ذلك كقوله إن اليد والقدم والساق والوجه صفات حقيقية لله وإنه مستوٍ على العرش بذاته، فقيل له: يلزم من ذلك التحيز والانقسام، فقال: أنا لا أسلم أن التحيز والانقسام من خواص الأجسام، فألزم بأنه يقول بالتحيز في ذات الله. ومنهم من ينسبه إلى الزندقة لقوله إن النبي لا يستغاث به.. ومنهم من ينسبه إلى النفاق لقوله في علي ما تقدم ولقوله: انه كان مخذولاً..".ا ومن أراد فليقرأ كلام ابن الوردي في تاريخه (تتمة المختصر في أخبار البشر -تاريخ ابن الوردي) 2/318)...ا وقال تقي الدين الحصني في كتباه دفع شبه من شبه وتمرد (ص 41/42) بعد ذكره مرسوم الملك ابن قلاوون في ابن تيمية "وأزيد على ذلك ما ذكره صاحب عيون التواريخ وهو ابن شاكر ويعرف بصلاح الدين الكتبي وتالتريكي وكان من أتباع ابن تيمية وضرب الضرب البليغ لكونه قال لمؤذن في مئذنة العروس وقت السحر أشركت حين قـال:ا
ألا يا رسول الله أنت وسيلتي ~~~ إلى الله في غفران ذنبي وزلتي
وأرادوا ضرب عنقه ثم جددوا اسلامه، وإنما أذكر ما قاله لأنه أبلغ في حق ابن تيمية في إقامة الحجة عليه مع أنه أهمل أشياء من خبثه ولؤمه لما فيها من المبالغة في إهانة قدوته والعجب أن ابن تيمية ذكرها وهو ساكت عنها".ا أما كلام ابن تيمية في الاستواء ووثوب الناس عليه، فمن ذلك ما أخبر به أبو الحسن علي الدمشقي في صحن الجامع الأموي عن أبيه قال "كنا جلوساً في مجلس ابن تيمية فذكر ووعظ وتعرض لآيات الاستواء ثم قال ا(واستوى الله على عرشه كاستوائي هذا) فوثب الناس عليه وثبة واحدة وأنزلوه من الكرسي وبادروا إليه ضرباً باللكم والنعال وغير ذلك حتى أوصلوه إلى بعض الحكام، واجتمع في ذلك المجلس العلماء فشرع يناظرهم فقالوا: ما الدليل على ما صدر منك، فقال: قوله تعالى {الرحمن على العرش استوى} فضحكوا منه وعرفوا أنه جاهل لا يجري على قواعد العلم ثم نقلوه ليتحققوا أمره فقالوا: ما تقول في قوله تعالى {فأينما تولوا فثم وجه الله} فأجاب بأجوبة تحققوا أنه من الجهلة على التحقيق وأنه لا يدري ما يقول وكان قد غره بنفسه ثناء العوام عليه وكذا الجامدون من الفقهاء العارون عن العلوم التي بها يجتمع شمل الأدلة على الوجه المرضي...".ا وسبحان الله وبحمده والله تعالى أعلم وأحكم