www.sunnaonline.org

توسل سيدنا عمر بالعباس

إن قال الجفاة نفاة التوسل: أليس في توسل عمر بالعباس (1) بعد موت النبي ما يدل على أنه لا يتوسل بالنبي بعد موته.
فالجواب: أن توسل عمر بالعباس بعد موت النبي ليس لأن الرسول قد مات بل كان لأجل رعاية حق قرابته من النبي صلى الله عليه وسلم، بدليل قول العباس حين قدمه عمر [اللهم إن القوم توجهوا بي إليك لمكاني من نبيك]، روى هذا الأثر الزبير بن بكار.

وروى الحاكم (2) أيضا أن عمر رضي الله عنه خطب الناس فقال [أيها الناس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرى للعباس ما يرى الولد لوالده، يعظمه ويفخمه ويبر قسمه، فاقتدوا أيها الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم في عمه العباس واتخذوه وسيلة إلى الله فيما نزل بكم]، وهذا يوضح سبب توسل عمر بالعباس.

وأيضا فإن ترك الشىء لا يدل على منعه كما هو مقرر في كتب الأصول، فترك للتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم لا دلالة فيه أصلا على منع التوسل إلا بالحي الحاضر، وقد ترك النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا من المباحات فهل دل تركه لها على حرمتها؟

وقد أراد سيدنا عمر بفعله ذلك أن يبين جواز التوسل بغير النبي صلى الله عليه وسلم من أهل الصلاح ممن ترجى بركته، ولذا قال الحافظ في الفتح (3) عقب هذه القصة ما نصه [يستفاد من قصة العباس استحباب الاستشفاع بأهل الخير والصلاح وأهل بيت النبوة] ا.هـ.

فإن قال الجفاة نفاة التوسل:
أليس في حديث ابن عباس الذي رواه لترمذي (4) [إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله] ما يدل على عدم جواز التوسل بغير الله؟
فالجواب: أن هذا ليس فيه معارضة ما ذكرنا إذ إن المتوسل يسأل الله، والحديث ليس معناه لا تسأل غير الله ولا تستعن بغير الله، إنما معناه أن الأولى بأن يسأل ويستعان به هو الله تعالى، نظير ذلك قوله صلى الله عليه وسلم
[لا تصاحب إلا مؤمنا، ولا يأكل طعامك إلا تقي] رواه ابن حبان (5) ، فكما لا يفهم من هذا الحديث عدم جواز صحبة غير المؤمن وعدم جواز إطعام غير التقي وإنما يفهم منه أن الأولى بالصحبة المؤمن وبالإطعام التقي ، كذلك حديث ابن عباس لا يفهم منه إلا الأولوية، كما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقل لا تسأل غير الله ولا تستعن بغير الله، أليس هناك فرق بين أن يقال: لا تسأل غير الله وبين أن يقال: إذا سألت فاسأل الله؟
-------------------------------------------
(1) صحيح البخاري ، كتاب فضائل الصحابة: باب ذكر العباس بن عبد المطلب.

(2) مستدرك الحاكم، كتاب معرفة الصحابة (3/334) من حديث داود بن عطاء المدني عن زيد بن أسلم عن ابن عمر. قال الذهبي في التلخيص: هو في جزء البانياسي بعلو، وصح نحوه من حديث أنس، فأما داود فمتروك. قلت : تابعه عليه هشام بن سعد أخرجه البلاذري من طريقه عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر، انظر الفتح (2/497)
(3) فتح الباري (2/497)
(4) جامع الترمذي: كتاب صفة القيامة والرقائق والورع : باب (59) . قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح .
(5) صحيح ابن حبان : كتاب البر والاحسان : باب الصحبة والمجالسة ، راجع الإحسان (1/383-385)

رابط ذو صله :
القسم : مقالات وردود شرعية
الزيارات : 5129
التاريخ : 13/12/2010