www.sunnaonline.org

شرح حديث الجارية -3




الْحمدُ للهِ ربِّ العالَمين، لهُ النِّعْمَةُ ولهُ الفضْلُ ولهُ الثَّناءُ الْحَسَن، صَلَواتُ اللهِ البرِّ الرَّحيم، والْملائِكَةِ الْمُقرَّبينَ، على سيِّدنا مُحمَّدٍ، أشرفِ الْمُرسلينَ، وعلى جَميعِ إخْوانِهِ منَ النَّبيينَ والْمُرْسَلِينَ، وسلامُ اللهِ عليهِم أجْمَعينَ.ا

كُلُّ ءايةٍ يَتمَسَّكُ بِها المجسمة ويَدُلُّ ظاهِرُها عَلَى أنَّ اللهَ حَجْمٌ مُتحيِّزٌ في جِهَةِ فَوْقٍ، وأنَّهُ يَتَحَرَّكُ يَنْزِلُ وَيَنْتَقِلُ إلى تَحْتِ السَّماءِ الدُّنيا، وَأنَّهُ يَوْمَ القِيامَةِ يَنْزِلُ إِلى الأرْضِ مَعَ الْمَلائِكَةِ بِذَاتِهِ، كَمَا في قوله تعالى {وَجَآءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} يُجَابُ عَنْ هَذَا كُلِّهِ بَأَنَّ هَذِهِ الآياتِ تَفْسِيرُها عَلَى الظَّاهِرِ يُؤدِّي إلى التَّناقُضِ في القُرءانِ، وَالقُرْءانُ مُنَزَّهٌ مِنَ التَّنَاقُضِ ، لأنَّ هَذِهِ الآياتِ لوْ فُسِّرَتْ على الظَّاهِرِ لَعَارَضَتْها ءاياتٌ أُخْرى كَقَوْلِهِ تَعَالى {وَللهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ} [سورة البقرة،ءاية 115]،ا ظَاهِرُها أنَّ اللهَ في جِهَةِ الأرْضِ ظاهرُ هذِهِ الآيةِ أَنَّ اللهَ هُنَا في مُحِيطِ الأَرْضِ بِحَيْثُ يَكُونُ الَّذي يُصلِّي إِلى الْجَنُوبِ أَوْ إلى الشِّمَالِ أوْ إلى الْمَشْرِقِ أوْ إلى الْمَغْرِبِ يكُونُ اتَّجَهَ إِلى ذَاتِ اللهِ، وَهَذا لا يقولونَ بهِ لأنَّهُم يَعْتَقِدونَ أنَّ اللهَ في جِهَةِ أعْلى ولَيْسَ في جِهَةِ أَسْفَلٍ، فَعِنْدَهُم جِهَةُ أَعْلَى جِهَةُ تَشْرِيفٍ أمَّا جِهَةُ أَسْفَلٍ فَلا، وَهُمْ ضَلُّوا بذَلِكَ لأَنَّ اللهَ لا يَتَشَرَّفُ بشىْءٍ مِنْ خَلْقِهِ، ولأنَّ مُؤَدَّى كَلامِهِم أنَّ اللهَ لَمْ يَكُنْ مُتشَرِّفًا بِجِهَةِ العُلُوِّ قَبْلَ أنْ يَخُلُقَها ثُمَّ صَارَ مُتَشَرِّفًا بِها بَعْدَ أنْ خَلَقَها، وهذا تَطَوُّرٌ وتغيُّرٌ واللهُ تعالى مُنَزَّهٌ عَنْ ذَلِكَ لأنَّ التَّغَيُّرَ والتَّطَوُّرَ مِنْ حالٍ إلى حالٍ علامَةُ الْحُدُوثِ. ثُمَّ يُرَدُّ على مَنْ زَعَمَ أنَّ جِهَةَ أَعْلَى جِهَةَ تَشريفٍ بِأنْ يُقالَ لَهُ: حَمَلَةُ العَرْشِ هُمُ الآنَ فَوْقَ السَّماءِ السَّابِعةِ والرَّسولُ في قَبْرِهِ الشَّريفِ تَحْتَ السَّمَاءِ الأُولى ومَعَ ذَلِكَ هُوَ عَلَيْهِ الْصَّلاةُ وَالْسَّلامُ أَفْضَلُ وَأَشْرَفُ وأعْلى مِنْزَلَةً عِنْدَ الله تعالى مِنْهُم وَمِنْ سَائِرِ الْمَخْلُوقَاتِ.ا

ثم يرد عليهم بقوله تعالى {إِنِّي ذَاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدين} ، فهذِهِ الآيةُ تُخْبِرُ عَنْ إِبْراهيمَ أنَّهُ لَمَّا تَرَكَ قَوْمَهُ الَّذينَ لَمْ يَقْبَلُوا مِنْهُ عِبادَةِ الأوْثانِ قال: إِنِّي ذَاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدين. هذِهِ الآيةِ ظاهرها يوهم أنَّ اللهَ مُتَحيِّزٌ في فِلَسْطينَ، لأنَّ إبْراهيمَ كانَ قاصِدًا أنْ يذْهَبَ إلى فِلَسْطين، والآية الأخرى {وَللهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ} [سورة البقرة ،ءاية 115]، ظَاهِرُها أنَّ اللهَ مُحِيطِ بالأَرْضِ بِحَيْثُ يَكُونُ الَّذي يُصلِّي إِلى الْجَنُوبِ أَوْ إلى الشِّمَالِ أوْ إلى الْمَشْرِقِ أوْ إلى الْمَغْرِبِ يكُونُ اتَّجَهَ إِلى ذَاتِ الله. فلا سَبيلَ لِلنَّجَاةِ إلاّ أنْ تُؤَوَّلَ الآياتُ الَّتي ظواهِرُها أنَّ اللهَ في جِهَةِ فوْقٍ مُتَحيِّزٌ، والآياتُ الَّتي ظواهِرُها أنَّ اللهَ في جهةِ تَحَتٍ، يَجِبُ أنْ لا تُحْمَلَ على الظَّاهِرِ، هذِهِ تُؤَوَّل وهذِهِ تُؤَوَّل.
ا
رابط ذو صله :
القسم : مقالات وردود شرعية
الزيارات : 2773
التاريخ : 16/7/2010