www.sunnaonline.org

الميزان والثواب والعقاب

المِيْزانُ حَقٌّ، وهو كَمِيْزانِ الدُّنْيا لَهُ قَصَبَةٌ وعَمُودٌ وكفَّتانِ كَفّةٌ للحسَنَاتِ وكَفّةٌ للسَّيئاتِ تُوزَنُ بهِ الأعْمالُ يَومَ القيامةِ، والذي يتَولَّى وزْنَها جِبْريلُ وميكَائيلُ، وما يُوزَنُ إنّما هوَ الصّحائِفُ التي كُتِب عليها الحسَناتُ والسَّيئاتُ، فَمن رجَحَتْ حَسَناتُه على سَيّئاتِه فَهُو مِنَ أهْلِ النَّجاةِ، ومَنْ تسَاوَتْ حسَناتُه وسيّئاتُه فهوَ مِن أهل النَّجاةِ أيضًا ولكِنَّهُ أقَلُّ رُتْبةً من الطَّبَقةِ الأُولَى وأَرفَعُ من الثَّالِثَةِ، ومنْ رَجَحَتْ سَيِّئاتُه على حسَناتِه فَهُو تَحتَ مَشيْئةِ الله إن شَاءَ عذَّبَهُ وإن شَاءَ غَفَرَ لَهُ. وأمَّا الكافِرُ فتَرْجَحُ كفَةُ سيِّئاتِه لا غيرَ لأنَّهُ لا حسَنَات لهُ في الآخِرةِ لأَنَّه أُطْعِمَ بحسَناتِه في الدُّنْيا. قال تعالى {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} [سورة الأنبياء/47]، وللأخبار الواردة في ذلك، والذين تَسَاوَت حسناتُهُم مع سَيّئاتِهم هُم مِن أهلِ النَّجَاةِ، لكنَّ هؤلاءِ يؤخَّرونَ برهةً عن دخولِ الجنّةِ ثمّ يدخلونَ، يكونونَ على الأعرَافِ على أَعلى سورِ الجَنَّةِ، الجنَّة لها سورٌ يُحيطُ بها وسورُهَا عريضٌ واسعٌ.

الثَّوابُ عِنْدَ أهْلِ الحَقّ ليسَ بحَقّ للطَّائِعينَ واجِبٍ على الله، وإنَّما هُو فَضْلٌ مِنهُ وهُو الجَزاءُ الذي يُجْزَى به المُؤْمِنُ مِمَّا يَسُرُّه في الآخِرَةِ. والعِقَابُ لا يَجبُ علَى الله أيْضًا إيقَاعُه للعُصَاةِ، وإنَّما هوَ عدْلٌ مِنهُ، وهوَ ما يَسُوءُ العَبْدَ يَومَ القِيَامةِ. وهُوَ على قِسْمَينِ: أَكْبرَ وأصْغَرَ، فالعِقَابُ الأكْبرُ هوَ دُخولُ النّارِ والعِقابُ الأصْغَرُ ما سِوى ذلكَ كأذَى حَرّ الشَّمْسِ يَوْمَ القِيامَةِ فَإنَّها تُسَلَّطُ علَى الكُفَّارِ فيَغرَقُونَ حتّى يَصِلَ عَرَقُ أحَدِهم إلى فِيهِ ولا يتَجَاوزُ عَرقُ هذَا الشَّخْصِ إلى شَخصٍ ءاخرَ بل يَقْتصرُ عليه حتّى يقُولَ الكافِرُ من شِدَّةِ ما يُقاسِي منها: رَبّ أرِحْني ولَو إلى النَّارِ، ويَكونُ المؤمنُونَ الأَتْقياءُ تلكَ السَّاعَةَ تحتَ ظِلّ العَرْشِ، وهذَا مَعنَى الحدِيثِ "سَبْعةٌ يُظِلُّهمُ الله في ظِلّهِ"، أي في ظِلّ عَرْشِه.

هذا الحديثُ رواهُ البخاريُّ وغيرُهُ، وتمامُ الحديثِ "إمامٌ عادِلٌ، وشابٌّ نشأَ في عبادة الله، ورجلٌ قلبُهُ معلَّقٌ في المساجد ورجلانِ تحابَّا في الله اجتَمَعَا عليهِ وافترقا عليهِ، ورجلٌ دعتهُ امرأةٌ ذاتُ منصبٍ وجمالٍ فقال: إنّي أخافُ الله، ورجلٌ تصدَّقَ بصدقةٍ فأخفاهَا حتّى لا تَعلَمَ شمالُهُ ما تُنفِقُ يمينهُ، ورجلٌ ذَكَرَ الله خاليًا فَفَاضَت عيناهُ"، ويلتحقُ بهم أناسٌ ءاخرونَ ذُكِروا في أحاديث أخرى صحيحة.


فائدة: شُهِرَ التعبير عن الحسابِ بالوقوفِ بين يدي الله ومعنى الوقوف بين يديِ الله حسابهم عند عرضِ أعمالهِم عليهِم وليس المعنى أن الله تعالى يكون في موقفِ القيامةِ ويكون الناس حوله لأن الله تعالى ليس جسمًا يتحيزُ في مكانٍ. ليس متحيزًا في مكانٍ ولا جهةٍ ولا في الفراغِ ولا ضمن بناء ولا هو في هواءِ العرشِ ولا هو جالسٌ عليه لأن الجلوسَ والاستقرارَ من صفاتِ الخلقِ والله منزهٌ عن هذا كلهِ لقوله تعالى {ليس كمثله شىء} [سورة الشورى/11] وتلك الهيئة التي يتصورها بعض الناسِ من أن الله يكون ذلك اليوم في موقفِ القيامةِ والناس حوله يجتمعون للحسابِ هذه الهيئة لا تجوزُ على الله لأن هذه هيئة الملوكِ تحُفُّ بهم رعاياهم.


رابط ذو صله : http://www.sunnaonline.org
القسم : العقــيدة الإســلامية
الزيارات : 5833
التاريخ : 10/2/2012