الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف المرسلين محمد وعلى ءاله وصحبه الطيبين الطاهرين. أما بعد يقول الله تعالى في القرءان الكريم (وَمَن لَّم يُؤمِن بِاللهِ وَرَسُولِهِ فَإنَّا أَعتَدنَا لِلكَافِرِينَ سَعِيرًا) الفتح / 13. فإنّ أعظم نعم الله على عباده نعمة الإسلام. فمن رزقه الله تعالى هذه النعمة فهو ممن أراد الله لهم خيرًا أما من لم يكن عقيدته عقيدة أهل الحق أي ما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن تبعهم إلى عصرنا هذا فهو من الهالكين. فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "عليك بالجماعة وإياكم والفرقة" فمعنى الجماعة هو اتباع ما كان عليه أصحاب رسول الله. فهذه الأمة تكون على تلك العقيدة لكن فرق انحرفوا عنها فهؤلاء الذين انحرفوا هم هالكون. في أصل العقيدة من كان على عقيدة الصحابة ولم ينحرف عنها فهو على خير ولو كان مقصرًا في العبادات، فهو أفضل من الذي هو صورة جاد في العبادة مجتهد وهو على غير تلك الطريقة في العقيدة.
لا تزال فرقة باقية على عقيدة الرسول والصحابة إلى يوم القيامة في هذه الأمة والويل لمن انحرف. "عليكم بالجماعة" معناه ما عليه أصحاب رسول الله ومن تبعهم، هذه الجماعة ليست جماعة الصلاة، ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال "ستة لعنتهم ولعنهم كل نبي مجاب" فذكر في الستة من ترك سُنَتَهُ وفارق الجماعة، أي ترك ما كان عليه أصحابه من الإعتقاد وانحرف عنهم إلى غير ما كانوا عليه فقال "والتارك لسنتي المفارق للجماعة" أي سنة الرسول، أي الإعتقاد الذي كان عليه، هو عَلَمَهُ الصحابةَ ليُعَلِمُوا غيرهُم وغيرهُم ليُعَلِمُوا من بَعدَهُم وهكذا إلى نهاية الدنيا.
هذه الأمة المحمدية ليست كسائر أمم الأنبياء الذين انحرفوا عما دعاهم إليه نبيهم فأهلكهم الله كقوم نوح وقوم عاد وقوم صالح وجماعة فرعون الذين خالفوا موسى عليه السلام. في الماضي، لما يحصل كفر في البشر بعد موت نبي يُرٍسِلُ اللهُ نبيًا ءاخر فإذا كذبوه يُهلِكُهُم اللهُ في الدنيا يُنزِلُ بِهِم عذابًا. قومُ نوح هم أول من عبد الوثن، قبل قومه ما كان في البشر كافر يعبد الوثن أو الشمس أو القمر أو نجمًا من النجوم أو الشيطان، كل الناس كانوا يعبدون الله. ثم أرسل الله نوحًا فدعا الناس إلى عبادة الله وترك الأوثان خالفوه، وما ءامنوا به، إلا نحو ثمانين شخصًا فقط مع طول عمره الذي هو أكثر من ألف سنة.
سيدنا نوح قام بهم يدعوهم إلى الإسلام تسعمائة وخمسين سنة، عاش فيهم تسعمائة وخمسين يدعوهم إلى الله فلم يؤمنوا به قط بل أصروا على عبادة الأوثان، فأهلكهم الله بالغرق أمر الأرض بأن تخرج ماءها وأمر السماء بأن تنزل ماءها، الأرض أخرجت ماءها حتى ارتفع الماء أربعين ذراعًا على وجه الأرض ثم نزل ماء السماء، زاد الماء ارتفاعًا حتى غطى كل جبال الدنيا، ما بقي جبل إلا وغطاه، الناس الذين لم يؤمنوا به أكلهم الماء الذي هو مؤلف من ماء الأرض وماء السماء، غطى الماء الأرض حتى غمر كل جبال الدنيا، ونجى الله نوحًا ومن ءامن به وبعض البهائم، الله أوحى إليه أن يدخلها في السفينة. الله علمه كيف يعمل السفينة فنجى من البشر والبهائم هؤلاء فقط، أما الآخرون كلهم أهلكهم الله حتى أحد أبنائه الأربعة اسمه كنعان ما أطاع أباه فأغرقه الله تعالى مع الكفار.
ثم هؤلاء الذين أسلموا مع نوح عاشوا في الأرض. الثلاثة من أبناء نوح الله تعالى أعطاهم ذرية أما البشر الآخرون ما عاشت لهم ذرية، الله تعالى أخرج البشر كلهم من أولئك الثلاثة، ثم هؤلاء أولادهم بعد زمان كفروا، فأرسل الله لهم نبيًا اسمه هود عربي كان يعيش باليمن فكذبوه فأهلكهم الله بالريح، ذلك اليوم الريح خرجت من دون وزن بأيدي الملائكة. الله تعالى أرسلها عليهم من غير أن تكون بأيدي الملائكة. في سائر الأيام الريح لا تخرج إلا بوزن بأيدي الملائكة. ذلك اليوم أفلتت من أيديهم فأبادت الكفار، وهكذا كان يتكرر بعد ذلك أيضًا مثل هذا، أما بين عيسى وسيدنا محمد ما حصل مثل ذلك العذاب في الدنيا.
الذين ءامنوا بعيسى واتبعوه على شريعته عاشوا بعد ارتفاع عيسى إلى السماء على الإسلام مائتي سنة، ثم انحرف الأغلب وبقي منهم جماعات على الإسلام. وبعضهم انحرفوا وبقوا على الانحراف إلى أن أرسل الله سيدنا محمدًا، فلم يرسل الله عذابًا مستأصلاً للكفار بين عيسى وسيدنا محمد، وبعد سيدنا محمد إلى يوم القيامة لا يرسل الله على البشر عذابًا مثل ذلك العذاب، لكن يحصل خسف جزئي ليس عامًا ومسخ جزئي. المسخ هو أن يُحوِّلُ اللهُ صور بعض البشر قردة وخنازير، لما يغرقون في الفسق والفجور يحصل في هذه الأمة، الله أعلم متى يحصل هذا لكنه جزئي شئ قليل، وقد يحصل قذف فيرمَون بحجارة من السماء ويقتلون، هذا يصير في هذه الأمة
والعقيدة التي كان عليها الرسول والصحابة هي أن الله تعالى واحد لا شريك له موجود أزلاً وأبدًا بلا مكان ولا يجري عليه الزمان وانه لا يوصف بصفات البشر فلا يوصف بالحركة ولا بالسكون ولا بالحجم ولا باللون ولا بالشكل ولا بالتغير فيستحيل عليه الإنفعال وتغير المشيئة، وأن الله خالق الأعمال والأجسام خالق الخير والشر، وأن له كلامًا هو صفته ليس ككلام الخلق ليس حرفًا ولا صوتًا ولا لغةً ليس كمثله شئ وهو السميع البصير.
رابط ذو صله : | http://www.sunnaonline.org |
القسم : | الخــطب والـــدروس |
الزيارات : | 6445 |
التاريخ : | 24/12/2013 |
|