www.sunnaonline.org

21- عمدة الراغب في مختصر بغية الطالب - بصوت الشيخ جيل صادق الأشعري

 

 

 

قَالَ الْمُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَيَضَعَ شَيْئًا مِنْ رُكْبَتَيْهِ وَمِنْ بُطُونِ كَفَّيْهِ وَمِنْ بُطُونِ أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ.

 

الشَّرْحُ: أَنَّ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ السُّجُودِ أَنْ يَضَعَ جُزْءًا مِنْ رُكْبَتَيْهِ وَمِنْ بُطُونِ كَفَّيْهِ وَمِنْ بُطُونِ أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ مَكْشُوفَةً عَلَى الأَرْضِ.

 

قَالَ الْمُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ خَارِجَ الْمَذْهَبِ لَيْسَ شَرْطًا فِي السُّجُودِ التَّنْكِيسُ فَلَوْ كَانَ رَأْسُهُ أَعْلَى مِنْ دُبُرِهِ صَحَّتِ الصَّلاةُ عِنْدَهُمْ.

 

الشَّرْحُ: هَذَا مَذْهَبُ الإِمَامِ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ وَلَكِنِ الشَّرْطُ عِنْدَهُمْ أَنْ لا يَخْرُجَ عَنِ اسْمِ السُّجُودِ.

 

قَالَ الْمُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ: الْعَاشِرُ الطُّمَأْنِينَةُ فِيهِ الْحَادِي عَشَرَ الْجُلُوسُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ الثَّانِي عَشَرَ الطُّمَأْنِينَةُ فِيهِ.

 

الشَّرْحُ: فِي هَذِهِ الْجُمَلِ ذِكْرُ ثَلاثَةِ أَرْكَانٍ أَحَدُهَا الطُّمَأْنِينَةُ فِي السُّجُودَيْنِ وَثَانِيهَا الَّذِي هُوَ الرُّكْنُ الْحَادِي عَشَرَ الْجُلُوسُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَهُوَ رُكْنٌ وَلَوْ كَانَتِ الصَّلاةُ نَفْلًا وَثَالِثُهَا الطُّمَأْنِينَةُ فِي هَذَا الْجُلُوسِ وَهِيَ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلاةِ.

 

قَالَ الْمُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ: الثَّالِثَ عَشَرَ الْجُلُوسُ لِلتَّشَهُّدِ الأَخِيرِ وَمَا بَعْدَهُ مِنَ الصَّلاةِ عَلَى النَّبِيِّ وَالسَّلامِ الرَّابِعَ عَشَرَ التَّشَهُّدُ الأَخِيرُ فَيَقُولُ التَّحِيَّاتُ الْمُبَارَكَاتُ الصَّلَوَاتُ الطَّيِّبَاتُ لِلَّهِ السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهُ وَبَرَكَاتُهُ السَّلامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ أَوْ أَقَلَّهُ وَهُوَ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ سَلامٌ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ سَلامٌ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ.

 

الشَّرْحُ: أَنَّ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلاةِ وَهُوَ الرُّكْنُ الثَّالِثَ عَشَرَ الْجُلُوسَ لِلتَّشَهُّدِ الأَخِيرِ وَمَا بَعْدَهُ. وَلِلتَّشَهُّدِ أَقَلُّ وَأَكْمَلُ فَأَقَلُّهُ الَّذِي لا تَصِحُّ الصَّلاةُ بِدُونِهِ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ سَلامٌ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ سَلامٌ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَقَدْ ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْمَتْنِ.

 

قَالَ الْمُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ: الْخَامِسَ عَشَرَ الصَّلاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَقَلُّهَا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ.

 

الشَّرْحُ: لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ تَعْيِينَ هَذَا اللَّفْظِ بِحُرُوفِهِ بِحَيْثُ لا يَجُوزُ إِبْدَالُ كَلِمَةٍ مِنْهُ بِغَيْرِهَا بَلْ يَصِحُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَنَحْوُهُ.

 

قَالَ الْمُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ: السَّادِسَ عَشَرَ السَّلامُ وَأَقَلُّهُ السَّلامُ عَلَيْكُمْ.

 

الشَّرْحُ: مِنْ شُرُوطِ إِجْزَاءِ السَّلامِ الإِتْيَانُ بِأَلْ فَلا يَكْفِي سَلامٌ عَلَيْكُمْ. وَكَذَلِكَ لا يَكْفِي إِبْدَالُ كَلِمَةِ عَلَيْكُمْ بِعَلَيْكَ بِدُونِ مِيمٍ. وَتُشْتَرَطُ الْمُوَالاةُ بَيْنَ كَلِمَتَيْهِ وَأَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ يُسْمِعُ نَفْسَهُ وَكَوْنُهُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ بِصَدْرِهِ إِلَى تَمَامِهِ وَذَلِكَ بِالإِتْيَانِ بِمِيمِ عَلَيْكُمْ. أَمَّا أَكْمَلُهُ فَيَحْصُلُ بِزِيَادَةِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ.

 

قَالَ الْمُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ: السَّابِعَ عَشَرَ التَّرْتِيبُ.

 

الشَّرْحُ: أَنَّهُ لا بُدَّ مِنَ التَّرْتِيبِ لِأَرْكَانِهَا كَمَا ذُكِرَ فِي تَعْدَادِهَا وَقَدْ اشْتَمَلَ عَلَى قَرْنِ النِّيَّةِ فِي التَّكْبِيرِ بِالْقِيَامِ فِي الْفَرْضِ لِلْمُسْتَطِيعِ وَإِيقَاعِ الْقِرَاءَةِ فِي الْقِيَامِ وَإِيقَاعِ التَّشَهُّدِ وَالصَّلاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْقُعُودِ.

 

قَالَ الْمُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ: فَإِنْ تَعَمَّدَ تَرْكَهُ كَأَنْ سَجَدَ قَبْلَ رُكُوعِهِ بَطَلَتْ.

 

الشَّرْحُ: أَنَّ مَنْ تَعَمَّدَ تَرْكَ التَّرْتِيبِ بِأَنْ قَدَّمَ رُكْنًا قَوْلِيًّا هُوَ السَّلامُ أَوْ رُكْنًا فِعْلِيًّا مُطْلَقًا بَطَلَتْ صَلاتُهُ وَذَلِكَ كَأَنْ يَسْجُدَ قَبْلَ رُكُوعِهِ فَتَبْطُلُ صَلاتُهُ إِجْمَاعًا لِتَلاعُبِهِ.

 

قَالَ الْمُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَإِنْ سَهَا فَلْيَعُدْ إِلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي مِثْلِهِ أَوْ بَعْدَهُ فَتَتِمُّ بِهِ رَكْعَتُهُ وَلَغَا مَا سَهَا بِهِ فَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ تَرْكَهُ لِلرُّكُوعِ إلَّا بَعْدَ أَنْ رَكَعَ فِي الْقِيَامِ الَّذِي بَعْدَهُ أَوْ فِي السُّجُودِ الَّذِي بَعْدَهُ لَغَا مَا فَعَلَهُ بَيْنَ ذَلِكَ.

 

الشَّرْحُ: أَنَّ مَنْ تَرَكَ التَّرْتِيبَ سَهْوًا ثُمَّ ذَكَرَ الرُّكْنَ الْمَتْرُوكَ فَمَا فَعَلَهُ بَعْدَهُ لَغْوٌ أَيْ لا يُحْسَبُ لِعَدَمِ وُقُوعِهِ فِي مَحَلِّهِ فَلْيَرْجِعْ إِلَيْهِ فَوْرًا مُحَافَظَةً عَلَى التَّرْتِيبِ، وَهَذَا إِنْ تَذَكَّرَ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ فِي مِثْلِهِ، فَإِنْ تَذَكَّرَ وَقَدْ صَارَ فِي مِثْلِهِ تَمَّتْ بِهَذَا رَكْعَتُهُ. وَكَذَلِكَ إِذَا تَذَكَّرَ وَهُوَ فِيمَا بَعْدَ مِثْلِ الْمَتْرُوكِ فَتَتِمُّ رَكْعَتُهُ بِمَا فَعَلَ وَيُلْغِي مَا بَيْنَهُمَا. وَهَذَا الْحُكْمُ فِي غَيْرِ الْمَأْمُومِ أَمَّا الْمَأْمُومُ فَلا يَعُودُ لَهُ بَلْ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ بَعْدَ سَلامِ إِمَامِهِ.

 

مَسْئَلَةٌ: الشَّكُّ فِي هَذِهِ الْمَسْئَلَةِ كَالتَّذَكُّرِ فَلَوْ رَكَعَ ثُمَّ شَكَّ هَلْ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ أَوْ لا أَوْ شَكَّ وَهُوَ سَاجِدٌ هَلْ رَكَعَ وَاعْتَدَلَ أَوْ لا قَامَ فَوْرًا وُجُوبًا وَلا يَكْفِيهِ لَوْ قَامَ رَاكِعًا وَأَمَّا مَنْ شَكَّ وَهُوَ قَائِمٌ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ هَلْ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ أَوْ لا فِي رَكْعَتِهِ هَذِهِ فَلا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَقْرَأَ فَوْرًا لِأَنَّهُ لَمْ يَنْتَقِلْ عَنْ مَحَلِّهَا لَكِنْ لا بُدَّ لَهُ أَنْ يَقْرَأَ الْفَاتِحَةَ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ إِنْ لَمْ يَزُلْ شَكُّهُ قَبْلَ الرُّكُوعِ وَيَتَيَقَّنْ أَنَّهُ قَرَأَهَا.

 

فَائِدَةٌ: مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ مَنْ شَكَّ فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَ بِالأَقَلِّ.

 

الْجَمَاعَةُ وَالْجُمُعَةُ

 

قَالَ الْمُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ: فَصْلٌ.

 

الشَّرْحُ: هَذَا فَصْلٌ مَعْقُودٌ لِبَيَانِ أَحْكَامِ الْجَمَاعَةِ وَالْجُمُعَةِ.

 

قَالَ الْمُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ: الْجَمَاعَةُ عَلَى الذُّكُورِ الأَحْرَارِ الْمُقِيمِينَ الْبَالِغِينَ غَيْرِ الْمَعْذُورِينَ فَرْضُ كِفَايَةٍ.

 

الشَّرْحُ: الْحَالُ الَّتِي تَكُونُ فِيهَا الْجَمَاعَةُ فَرْضَ كِفَايَةٍ هِيَ الْجَمَاعَةُ فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فِي حَقِّ الذُّكُورِ الأَحْرَارِ الْمُقِيمِينَ الْبَالِغِينَ غَيْرِ الْمَعْذُورِينَ فَخَرَجَ بِالذُّكُورِ النِّسَاءُ فَلَيْسَتْ فَرْضًا عَلَيْهِنَّ، وَخَرَجَ بِالأَحْرَارِ الْعَبِيدُ فَلَيْسَتْ فَرْضًا عَلَيْهِمْ. وَخَرَجَ بِالْمُقِيمِينَ الْمُسَافِرُونَ فَمَنْ دَخَلَ بَلْدَةً بِنِيَّةِ الإِقَامَةِ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ فَالْجَمَاعَةُ فِي حَقِّهِ غَيْرُ فَرْضٍ، وَخَرَجَ بِالْبَالِغِينَ الصِّبْيَانُ فَلَيْسَتْ فَرْضًا فِي حَقِّهِمْ لِعَدَمِ التَّكْلِيفِ لَكِنْ يَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ أَنْ يَأْمُرَ الطِّفْلَ الْمُمَيِّزَ بِالْجَمَاعَةِ وَالْجُمُعَةِ. وَخَرَجَ بِغَيْرِ الْمَعْذُورِينَ الْمَعْذُورُونَ بِعُذْرٍ مِنَ الأَعْذَارِ الْمُسْقِطَةِ لِوُجُوبِ الْجَمَاعَةِ كَالْمَطَرِ الَّذِي يَبُلُّ الثَّوْبَ وَالْخَوْفِ مِنَ الْعَدُوِّ بِذَهَابِهِ إِلَى مَكَانِ الْجَمَاعَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَعْذَارِ تَرْكِ الْجَمَاعَةِ وَهِيَ كَثِيرَةٌ. وَيُشْتَرَطُ لِوُجُوبِهَا أَيْضًا الْعَقْلُ وَلَمْ يُذْكَرْ فِي الْمَتْنِ لِظُهُورِ حُكْمِهِ. وَيَحْصُلُ فَرْضُ الْكِفَايَةِ بِإِقَامَتِهَا بَحَيْثُ يَظْهَرُ الشِّعَارُ بِأَنْ تُقَامَ فِي الْبَلَدِ الصَّغِيرَةِ فِي مَحَلٍّ وَفِي الْكَبِيرَةِ فِي مَحَالَّ مُتَعَدِّدَةٍ بِحَيْثُ يُمْكِنُ قَاصِدَهَا إِدْرَاكُهَا بِلا مَشَقَّةٍ ظَاهِرَةٍ.

 

قَالَ الْمُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَفِي الْجُمُعَةِ فَرْضُ عَيْنٍ عَلَيْهِمْ إِذَا كَانُوا أَرْبَعِينَ مُكَلَّفِينَ مُسْتَوْطِنِينَ فِي أَبْنِيَةٍ لا فِي الْخِيَامِ لِأَنَّهَا لا تَجِبُ عَلَى أَهْلِ الْخِيَامِ. وَتَجِبُ عَلَى مَنْ نَوَى الإِقَامَةَ عِنْدَهُمْ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ صِحَاحٍ أَيْ غَيْرَ يَوْمَيِ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ وَعَلَى مَنْ بَلَغَهُ نِدَاءُ صَيِّتٍ مِنْ طَرَفٍ يَلِيهِ مِنْ بَلَدِهَا.

 

الشَّرْحُ: أَنَّ الْجَمَاعَةَ فِي الْجُمُعَةِ فَرْضُ عَيْنٍ فَلا تَصِحُّ فُرَادَى، وَفَرْضِيَّتُهَا عَلَى مَنْ كَانَ مَوْصُوفًا بِالأَوْصَافِ السَّابِقَةِ الذُّكُورَةِ وَالْحُرِّيَّةِ وَالإِقَامَةِ وَالْعَقْلِ وَالْبُلُوغِ وَفُقْدَانِ الْعُذْرِ، وَكُلُّ مَا هُوَ عُذْرٌ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ فَهُوَ عُذْرٌ فِي تَرْكِ الْجُمُعَةِ. وَإِنَّمَا تَجِبُ الْجُمُعَةُ عَلَيْهِمْ إِذَا كَانُوا أَرْبَعِينَ ذَكَرًا مُسْتَوْطِنًا إِقَامَتُهُمْ فِي خِطَّةِ أَبْنِيَةٍ أَيْ فِي مَكَانٍ مَعْدُودٍ مِنَ الْبَلَدِ وَلَوْ كَانَتِ الأَبْنِيَةُ مِنْ خَشَبٍ أَوْ قَصَبٍ أَوْ سَعَفٍ. وَلا تَجِبُ عَلَى أَهْلِ الْخِيَامِ. وَتَجِبُ الْجُمُعَةُ عَلَى مَنْ نَوَى الإِقَامَةَ فِي بَلَدِ الْجُمُعَةِ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ صِحَاحٍ أَيْ كَوَامِلَ غَيْرَ يَوْمَيِ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ فَأَكْثَرَ لِأَنَّهُ بِذَلِكَ يَنْقَطِعُ السَّفَرُ. وَتَجِبُ أَيْضًا عَلَى مَنْ تَوَطَّنَ مَحَلًّا يَبْلُغُهُ مِنْهُ النِّدَاءُ مِنْ شَخْصٍ صَيِّتٍ أَيْ عَالِي الصَّوْتِ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ وَاقِفًا بِمُسْتَوٍ مِنْ طَرَفٍ يَلِي السَّامِعَ مِنَ بَلَدِ الْجُمُعَةِ مَعَ اعْتِبَارِ سُكُونِ الرِّيحِ بِحَيْثُ يَعْلَمُ أَنَّ مَا يَسْمَعُهُ نِدَاءُ الْجُمُعَةِ وَلَوْ لَمْ تَتَبَيَّنِ الْكَلِمَاتُ وَذَلِكَ بِاعْتِبَارِ مُعْتَدِلِ السَّمْعِ. وَلا تَجِبُ عَلَى مُسَافِرٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَاصِيًا بِسَفَرِهِ. وَلا يُشْتَرَطُ فِي الْمَسَافِرِ الَّذِي سَفَرُهُ مُبَاحٌ أَنْ يَكُونَ سَفَرُهُ مَسَافَةَ قَصْرٍ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ فِي حُكْمِ الْمُسَافِرِ قَبْلَ الْفَجْرِ.

 

قَالَ الْمُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَشَرْطُهَا وَقْتُ الظُّهْرِ وَخُطْبَتَانِ قَبْلَهَا فِيهِ يَسْمَعُهُمَا الأَرْبَعُونَ وَأَنْ تُصَلَّى جَمَاعَةً بِهِمْ وَأَنْ لا تُقَارِنَهَا أُخْرَى بِبَلَدٍ وَاحِدٍ فَإِنْ سَبَقَتْ إِحْدَاهُمَا بِالتَّحْريِمَةِ صَحَّتِ السَّابِقَةُ وَلَمْ تَصِحَّ الْمَسْبُوقَةُ، هَذَا إِذَا كَانَ يُمْكِنُهُمْ الِاجْتِمَاعُ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ فَإِنْ شَقَّ ذَلِكَ صَحَّتِ السَّابِقَةُ وَالْمَسْبُوقَةُ.

 

الشَّرْحُ: شَرْطُ صِحَّةِ الْجُمُعَةِ أَنْ تَقَعَ وَقْتَ الظُّهْرِ فَلا تُقْضَى الْجُمُعَةُ جُمُعَةً وَإِنَّمَا تُقْضَى إِذَا فَاتَ وَقْتُهَا ظُهْرًا. وَتُدْرَكُ الْجُمُعَةُ بِإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ مَعَ الإِمَامِ وَأَمَّا إِذَا لَمْ يُدْرِكِ الْمَأْمُومُ الإِمَامَ إِلَّا بَعْدَ الرُّكُوعِ مِنَ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فِي الْجُمُعَةِ فَإِنَّهُ عِنْدَئِذٍ يَنْوِي الْجُمُعَةَ وَيُصَلِّي أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ. وَتُشْتَرَطُ خُطْبَتَانِ قَبْلَهَا بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ فَلَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ عَنِ الْخُطْبَتَيْنِ وَالرَّكْعَتَيْنِ صَلَّوْا ظُهْرًا. وَيُشْتَرَطُ فِي الْخُطْبَتَيْنِ أَنْ يَسْمَعَهُمَا الأَرْبَعُونَ وَأَنْ تُصَلَّى جَمَاعَةً بِهِمْ وَأَنْ لا تُقَارِنَهَا أَوْ تَسْبِقَهَا جُمُعَةٌ أُخْرَى بِبَلَدِهَا، قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَإِنْ كَبُرَتِ الْبَلَدُ اهـ قَالَ أَصْحَابُهُ يَعْنِي إِذَا لَمْ يَشُقَّ اجْتِمَاعُ أَهْلِ الْبَلَدِ فَإِذَا سَبَقَتْ إِحْدَى الْجُمُعَتَيْنِ صَحَّتْ وَبَطَلَتِ الَّتِي بَعْدَهَا وَإِنْ تَقَارَنَتَا بَطَلَتَا وَكَذَلِكَ إِذَا لَمْ تُعْلَمِ السَّابِقَةُ، وَالْعِبْرَةُ فِي السَّبْقِ وَالْمُقَارَنَةِ بِالرَّاءِ مِنْ تَكْبِيرَةِ الإِمَامِ.

 

قَالَ الْمُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَأَرْكَانُ الْخُطْبَتَيْنِ حَمْدُ اللَّهِ وَالصَّلاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْوَصِيَّةُ بِالتَّقْوَى فِيهِمَا وَءَايَةٌ مُفْهِمَةٌ فِي إِحْدَاهُمَا وَالدُّعَاءُ لِلْمُؤْمِنِينَ فِي الثَّانِيَةِ.

 

الشَّرْحُ: أَنَّ الْخُطْبَتَيْنِ لا تَكُونَانِ مُجْزِئَتَيْنِ إِلَّا بِهَذِهِ الأُمُورِ الْخَمْسَةِ أَوَّلُهَا حَمْدُ اللَّهِ بِلَفْظِ الْحَمْدُ لِلَّهِ أَوْ لِلَّهِ الْحَمْدُ أَوْ حَمْدًا لِلَّهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ. وَالثَّانِي الصَّلاةُ عَلَى النَّبِيِّ بِنَحْوِ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ أَوْ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ. وَالثَّالِثُ الْوَصِيَةُ بِالتَّقْوَى وَهِيَ الْمَقْصُودُ الأَعْظَمُ فَلا يَكْفِي التَّحْذِيرُ مِنَ الدُّنْيَا بَلْ لا بُدَّ مِنَ الْحَثِّ عَلَى الطَّاعَةِ أَوِ الزَّجْرِ عَنِ الْمَعْصِيَةِ، وَلا يُشْتَرَطُ لَفْظُ التَّقْوَى فَلَوْ قَالَ أَطِيعُوا اللَّهَ كَفَى. وَهَذِهِ الثَّلاثَةُ يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ فِي كُلٍّ مِنَ الْخُطْبَتَيْنِ. وَالرَّابِعُ ءَايَةٌ مُفْهِمَةٌ كَامِلَةٌ وَإِنْ كَانَتْ مُتَعَلِّقَةً بِقِصَّةٍ فِي إِحْدَاهُمَا فِي ابْتِدَائِهَا أَوِ انْتِهَائِهَا أَوْ وَسَطِهَا وَالأَفْضَلُ أَنْ تَكُونَ قِرَاءَةُ الآيَةِ فِي الْخُطْبَةِ الأُولَى لِتُقَابِلَ الدُّعَاءَ فِي الثَّانِيَةِ. وَالْخَامِسُ الدُّعَاءُ لِلْمُؤْمِنِينَ الشَّامِلُ لِلْمُؤْمِنَاتِ فِي الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ.

 

قَالَ الْمُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَشُرُوطُهُمَا الطَّهَارَةُ عَنِ الْحَدَثَيْنِ وَعَنِ النَّجَاسَةِ فِي الْبَدَنِ وَالْمَكَانِ وَالْمَحْمُولِ وَسَتْرُ الْعَوْرَةِ وَالْقِيَامُ وَالْجُلُوسُ بَيْنَهُمَا وَالْمُوَالاةُ بَيْنَ أَرْكَانِهِمَا وَبَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الصَّلاةِ وَأَنْ تَكُونَا بِالْعَرَبِيَّةِ.

 

الشَّرْحُ: أَنَّ لِلْخُطْبَتَيْنِ شُرُوطًا وَهِيَ تِسْعَةٌ الأَوَّلُ الطَّهَارَةُ عَنِ الْحَدَثِ الأَصْغَرِ وَالأَكْبَرِ وَالطَّهَارَةُ عَنِ النَّجَاسَةِ غَيْرِ الْمَعْفُوِّ عَنْهَا فِي الْبَدَنِ وَالْمَكَانِ وَمَا يَحْمِلُهُ مِنْ ثَوْبٍ وَغَيْرِهِ. وَالثَّانِي سَتْرُ الْعَوْرَةِ. وَالثَّالِثُ الْقِيَامُ فِيهِمَا لِلْقَادِرِ بِالْمَعْنَى السَّابِقِ فِي قِيَامِ الْفَرْضِ فَإِنْ عَجَزَ فَجَالِسًا ثُمَّ مُضْطَجِعًا، وَالأَوْلَى فِي هَذِهِ الْحَالِ الِاسْتِخْلافُ. وَالرَّابِعُ الْجُلُوسُ بَيْنَهُمَا فَلَوْ تَرَكَهُ وَلَوْ سَهْوًا لَمْ تَصِحَّا وَأَمَّا مَنْ كَانَ يَخْطُبُ جَالِسًا بِعُذْرٍ فَيَفْصِلُ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ بِسَكْتَةٍ. وَأَقَلُّ هَذَا الْجُلُوسِ قَدْرُ الطُّمَأْنِينَةِ وَأَكْمَلُهُ قَدْرُ سُورَةِ الإِخْلاصِ وَالْخَامِسُ الْمُوَالاةُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ أَرْكَانِهِمَا وَبَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الصَّلاةِ لِئَلَّا يَطُولَ الْفَصْلُ عُرْفًا بِمَا لا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا. وَالسَّادِسُ أَنْ تَكُونَ أَرْكَانُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالْعَرَبِيَّةِ وَإِنْ كَانَ كُلُّ الْحَاضِرِينَ أَعَاجِمَ. وَالسَّابِعُ كَوْنُهُمَا بَعْدَ الزَّوَالِ. وَالثَّامِنُ سَمَاعُ الأَرْبَعِينَ الأَرْكَانَ وَلا يُشْتَرَطُ سَمَاعُهُمْ كُلَّ الْخُطْبَةِ. وَالتَّاسِعُ كَوْنُهُمَا قَبْلَ الصَّلاةِ.

 

مَسْئَلَةٌ: يَحْرُمُ التَّشَاغُلُ عَنِ الْجُمُعَةِ بِبَيْعٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ كَالإِجَارَةِ وَكَأَنْ يَهَبَ مَالًا لِيَهَبَهُ فِي مُقَابِلِهِ غَرَضًا بَعْدَ الأَذَانِ الثَّانِي وَيُكْرَهُ قَبْلَهُ وَبَعْدَ الزَّوَالِ وَأَمَّا لَوْ رَكِبَ الشَّخْصُ سَيَّارَةَ الأُجْرَةِ لِلذَّهَابِ لِصَلاةِ الْجُمُعَةِ فَيَجُوزُ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ فِيهِ تَشَاغُلٌ عَنْهَا. وَلا تُدْرَكُ الْجُمُعَةُ إِلَّا بِرَكْعَةٍ كَمَا تَقَدَّمَ.



رابط ذو صله : http://www.sunnaonline.org
القسم : عمدة الراغب في مختصر بغية الطالب
الزيارات : 3772
التاريخ : 8/3/2014