كان يوجد تحت الخليفة العباسي رجل مشهور بالعلم والصلاح والتقوى والشجاعة يسمى صلاح الدين الأيوبي رحمه الله تعالى، هذا له شهرة وبروز في المعارك ضد الكفار هو الذي حارب الصليبيين وأخرجهم من أرض فلسطين بعد أن كانوا احتلوها أكثر من ستين سنة كانوا احتلوا أرض المقدس هو جاء وأخرجهم من أرض المقدس من فلسطين.
صلاح الدين الأيوبي كان حافظًا للقرءان وكان عالما بالفقه يحفظ كتاباً كبيراً في الفقه الشافعي يسمّى كتاب التنبيه ويحفظ كتاب الحماسة هذا الكتاب يتحدث عن الجهاد والقتال ومحاربة الكفار، وكان يحضر مجالس علم الحديث على الطريقة القديمة التي عليها المشايخ القدماء وكان يعتني بتعليم العقيدة السنية الأشعرية.
وكان يوجد رجل عالم اسمه " محمد بن هبة البرمكي" هذا من العلماء ألف مؤلفاً، عمله على شكل أبيات شعر وقدمه للسلطان صلاح الدين الأيوبي ذكر في هذا الكتاب عقيدة أهل السنة والجماعة ذكر تنزيه الله عن المكان وعن الجوارح وعن الجهات وإثبات صفة الكلام لله مع تنزيه الله عن أن يكون كلامه ( الذي هو صفته تعالى ) بحرف وصوت ولغة كما هو كلام الخلق،
لما نظر فيه صلاح الدين أعجبه هذا الكتاب وقرر تعليمه للصبيان في الكُتَّابِ، الصبيان يعني الذين لم يبلغوا بعد، والكُتّاب معناه المدارس القديمة، وقرر أن تقرأ العقيدة الأشعرية على المنائر (منائر المساجد وتسمى اليوم بلهجتنا المئذنة) قبل أذان الفجر في هذه القصيدة يقول في الأول هو هذا محمد بن هبة البرمكي يقول:
نظمتها للملك الأمين الناصر الغازي صلاح الدين
يعني هو قدم هذا النظم للملك صلاح الدين وكان سلطانا تحت الخليفة العباسي كان عادلاً في حكمه، قال:
ذي العدل والجود معًا والباس يوسف محيي دولـة العبـاس
اسمه يوسف هو محيي دولة العباس يعني هو كان تحت الخليفة العباسي. ثم قال في تنزيه الله عن المكان:
قد كان موجودًا ولا مكان وحكمه الآن على ما كان
يعني الله تعالى كان موجودًا في الأزل ولم يكن مكان وحكمه الآن على ما كان أي ما زال موجودًا بلا مكان أي لا يحل في الأماكن مع أن المكان موجود. يعني هو الله لا يتغير، الله لا يجوز عليه التغير هذا الكلام من أين أخذه ؟ أخذه من قول الله تعالى ﴿ليس كمثله شئ وهو السميع البصير﴾، وأخذه من قول النبي صلى الله عيه وسلم [كان الله ولم يكن شئ غيره] من هذا أخذ أن الله موجود بلا مكان. المكان هو "الفراغ الذي يشغله الحجم"، فكل شئ يكون في مكان، ماذا يكون ؟ يكون حجمًا يعني مخلوقًا والمخلوق لا يكون إلهـًا، الله خالق كل شئ فلا يشبه شيئًا من خلقه بوجه من الوجوه.
فقد غـلا وزاد في الغـلو من خصَّـه بجهة العلـو
الجهة شئ مخلوق الذي يخص الله بجهة من الجهات أي يقول "الله تعالى موجود في جهة من الجهات" هذا جعل الله شيئًا مخلوقًا فقد غلا، معنى غلا أي جاوز حد الشرع جاوز الحد المسموح به شرعًا هذا معنى فقد غلا.
وحصر الصانع في السماء مبدعهـا والعرش فوق الماء
يعني هؤلاء الذين خصوا الله بجهة فوق وحصروه في السماء وهو خالقها كيف يكون محصورًا فيها ؟ قال: وحصروا الصانع في السماء مبدعها: يعني الله هو خالقها كيف تجعلون خالق السماء في السماء ؟ الله موجود بلا مكان
