www.sunnaonline.org

شرح العقيدة السنية للإمام النابلسي

 

الحمد لله و صلى الله وسلم على سيدنا محمد و ءاله وأصحابه الطيبين الطاهرين، أما بعد:
فهذا حل ألفاظ الأبيات المسماة "مقتضى الشهادتين للنابلسي" التي نظمها الشيخ عبد الغني النابلسي رحمه الله المتوفى سنة 1143 هـ في بيان العقيدة السنية التي كان عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ومن تبعهم بإحسان.


قال المؤلف رحمه الله [مَعرِفَةُ اللهِ عليكَ تُفترَضْ ... بأنَّهُ لا جَوْهَرٌ ولا عَرَضْ]

الشرح:
أنه يجب معرفة أن الله تعالى ليس بجوهر أي ليس جرما يأخذ حيزا من الفراغ وليس بعرض وهو صفة الجسم كاللون والحركة والسكون.


قال المؤلف رحمه الله [وليسَ يحويهِ مكانٌ لا ، وَلا ... تُدرِكُهُ العُقُولُ جَلّ وَعَلا]

الشرح:
معناه أن الله تعالى موجود بلا مكان، ولا تطلب معرفته بالتصور، ولا تحيط به العقول.


قال المؤلف رحمه الله [لا ذاتُهُ يُشْبِهُ للذَّوَاتِ ... ولا حَكَت صِفَاتُهُ الصّفَاتِ]

الشرح:
ذات الله لا يشبه ذوات المخلوقين، ولا صفاته تشبه صفات الخلق، ومعنى ذات الله حقيقة الله، وأما إذا قيل ذات زيد أي جسمه، ومعنى حكت: شابهت.


قال المؤلف رحمه الله[فَرْدٌ لنا بهِ تتَمُ المَعْرِفَةْ ... وواحدٌ ذاتاً وفِعلاً وَصِفَةْ]

الشرح:
معناه أن الله واحد وهو عرّفنا بنفسه أنه لا يشبه شيئا من خلقه وهو سبحانه واحد في ذاته وواحد في صفاته وواحد في فعله.


قال المؤلف رحمه الله [فَهُوَ القَديمُ وَحْدَهُ وَالبَاقِي ... في القَيْدِ نَحْنُ وَهُوَ في الإطْلاقِ]

الشرح:
أن الله سبحانه وتعالى قديم بمعنى لا ابتداء لوجوده وهو الباقي أي الدائم الذي لا يلحقه فناء ولا موت، ويطلق القديم على المخلوق بقيد أي بمعنى تقادم العهد والزمن وكذلك الباقي إذا أطلق على المخلوق كالجنة والنار فبقيد وهو أن بقاء الجنة والنار ليس ذاتيا إنما شاء الله لهما البقاء، وأما بقاء الله ذاتي لا شيء غيره أوجب له ذلك ولا شريك له في الديمومية.


فائدة: اتفق العلماء على جواز إطلاق القديم على الله بمعنى لا ابتداء لوجوده. ذكره الحافظ الزبيدي في شرح الأحياء.

قال المؤلف رحمه الله[وَهُوَ السَّمِيعُ وَالبَصِيرٌ لم يَزَلْ ... بِغَيْرِ مَا جَارِحَةٍ وَفِي الأَزَلْ]

الشرح:
أن الله سبحانه موصوف بالسمع والبصر، والسمع والبصر صفتان لله أزليتان أبديتان فسمعه سبحانه ليس بأذن ولا ءالة أخرى وبصره ليس بحدقة ولا ءالة أخرى. ومعنى الجارحة: العضو.


قال المؤلف رحمه الله[لَهُ كَلامٌ لَيْسَ كَالمَعْرُوفِ ... جَلّ عَنِ الأَصْوَاتِ وَالحُرُوفِ]

الشرح:
معناه كلام الله الذي هو صفة ذاته أزلي أبدي ليس ككلام خلقه، وما كان كذلك فليس حرفا ولا صوتا ولا لغة.


قال المؤلف رحمه الله[أَرْسَلَ رُسْلَهُ الكِرَامَ فِينَا ... مُبَشِّرِينَ بلْ وَمُنْذِرِينَا]

الشرح:
أن الله تعالى أرسل أنبياءه الكرام بدين واحد هو الإسلام مبشرين من ءامن بالجنة ومنذرين من كفر بالنار.

فائدة: النبي والرسول كلاهما مأمور بتبليغ الدعوة، قال الله تعالى: {فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين} وإنما من الفرق بينهما أن النبي يتبع شرع الرسول الذي كان قبله ويبلغه، وأما الرسول فيأتي بحكم جديد، لذا قال بعض العلماء: كل رسول نبي، وليس كل نبي رسولا.

قال المؤلف رحمه الله [أَيَّدَهُمْ بِالصِدْقِ وَالأَمَانَهْ ... وَالحِفْظِ وَالعِصْمَةِ وَالصِّيَانَهْ]

الشرح:
أن الأنبياء عليهم السلام أيدهم الله تعالى بالصدق فيستحيل عليهم الكذب، وأيدهم بالأمانة فيستحيل عليهم الخيانة، وأيدهم بالصيانة فيستحيل عليهم الرذالة، وحفظهم الله وعصمهم من الكفر والكبائر وصغائر الخسة قبل النبوة وبعدها. و حفظ الله الأنبياء من الأمراض المنفرة كخروج الدود من البدن فلا يجوز اعتقاد أن سيدنا أيوب مرض مرضا شديدا فخرج منه الدود.
(مناسب ذكر عصمة إبراهيم من الشرك والكذب وبراءة يوسف من الهم بالزنا وعصمة موسى من أن يبدل حرفا بحرف آخر، عليهم السلام).

قال المؤلف رحمه الله[أَوَّلُهُمْ ءادَمُ]

الشرح:
أن أول الأنبياء والمرسلين هو سيدنا ءادم عليه السلام وكان جميل الشكل يتكلم بكل اللغات ولم يكن أخرسا ولا عاريا عن الثياب ولا شبيها بالقرود، فمن اعتقد أن أصل الإنسان قرد فقد كذب القرءان الكريم.


قال المؤلف رحمه الله[ثـُمَّ الآخِرُ... مُحَمَّدٌ وَهُوَ النبيُ الفَاخِرُ]

الشرح:
أن ءاخر الأنبياء فهو سيدنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب أرسله الله إلى الإنس والجن، وهو النبي الفاخر الطيب المعظم أفضل الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام، الفاخر يطلق على من هو جليل القدر عظيم.


قال المؤلف رحمه الله[وَصَحْبُهُ جَمِيعُهُمْ عَلَى هُدَى]

الشرح:
أن أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام على هدى فلا نذكرهم جملة إلا بالخير، والصحابي هو المؤمن الذي التقى بالنبي على وجه العادة ومات على الإيمان.


قال المؤلف رحمه الله[تَفْضِيلُهُم مُرَتّبٌ بِلا اعتِدَا...فَهُمْ أَبُو بَكْرٍ وَبَعْدَهُ عُمَرْ...وَبَعْدَهُ عُثْمَانُ ذُو الوَجْهِ الأَغَرْ...ثمَّ عَليٌ ثُمَّ بَاقِي العَشَرَهْ...وَهِيَ التي في جَنَّةٍ مُبَشَّرَهْ]


الشرح:
أن أفضل الصحابة بالترتيب أبو بكر وهو عبد الله بن أبي قحافة ثم عمر بن الخطاب ثم عثمان بن عفان صاحب الوجه الأبيض ثم علي بن أبي طالب ثم باقي العشرة، وهم طلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام، وسعد بن أبي وقاص، وسعيد بن زيد، وعبد الرحمن بن عوف، وأبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنهم، وهم الذين بشرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة في سياق واحد لذلك سموا بالعشرة المبشرين بالجنة، وبشر الرسول غيرهم بالجنة كعمار بن ياسر و بلال الحبشي رضي الله عنهم.


قال المؤلف رحمه الله[وَكُلُّ مَا عَنْهُ النَّبيُ أخْبَرَا ... فَإِنهُ مُحَقَّقٌ بِلا امْتِرا]

الشرح:
أن كل ما أخبر الرسول عن حصوله فإنه محقق حصوله ووقوعه بلا شك، قال الله تعالى: {وما ينطقُ عنِ الهوى إنْ هو إلا وحيٌ يُوحَى}.


قال المؤلف رحمه الله[مِنْ نَحْوِ أمْرِ القَبْرِ]

الشرح:
من جملة ما يجب الإيمان به أمر القبر من عذاب ونعيم وأن عذاب القبر حق لمن هو أهل لذلك وأن نعيم القبر حق لمن هو أهل لذلك.


قال المؤلف رحمه الله [وَالقِيَامَهْ ... وَكُلِ مَا كَانَ لهُ عَلامهْ]

الشرح:
يجب الإيمان بالقيامة وعلاماتها والقيامة تطلق على النفخة الأولى وتطلق على ما بعد ذلك، ولها علامات صغرى وكبرى.


قال المؤلف رحمه الله [مِثْلُ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَـا ... وَقِصَّةِ الدَّجَّالِ كُنْ مُنْتَبِها]

الشرح: أن من علامات الساعة طلوع الشمس من مغربها وخروج الدجال وهي من علامات الساعة الكبرى.

قال المؤلف رحمه الله [هَذَا هُوَ الحَقُّ المُبِينُ الوَاضِحُ ... وَبِالذِي فِيهِ الإِناءُ نَاضِحُ]

الشرح: أن ما ذكر في هذه الأبيات هو الحق المبين الواضح الذي يجب على المكلف معرفته. وهذا الذي في صدور جمهور أمة محمد وهم أهل السنة والجماعة. ومعنى ناضح: الإناء بما فيه ينضح أي يفيض.



رابط ذو صله : http://www.sunnaonline.org
القسم : العقــيدة الإســلامية
الزيارات : 8052
التاريخ : 7/1/2011