SunnaOnline | سنة اون لاين
إسلاميات
معاصي البدن والجوارح
الرياء من أمراض القلوب المهلكة
بحث
الصلاة
شيخ الإسلام الهرري
الشيخ الجليل عبد الله الهرري
رد شبه المفترين على الهرري
مختارات من دروس الهرري
مختارات من نصائح الهرري
مقالات في فضائل الهرري
شهادات العلماء في الهرري
الدروس المكتوبة
العقــيدة الإســلامية
القـــرءان والحــديـث
الطهــارة والصـــلاة
الصيــــام والزكــاة
الحـــج والعمــرة
المعاملات والنكاح
معاصي البدن والجوارح
الخــطب والـــدروس
ســـؤال و جــواب
قــصص الأنـبيـــاء
الأدعــية والأذكــار
قـــصص ومـــواعــظ
ســـــير وتــــــراجم
نســــاء صــالحـات
منـاسبات إسـلامية
الأدبيات والفوائد والنصائح
Islamic Information
مقالات مختارة
الفتاوى الشرعية
فتاوى الإيمان والعقيدة
فتاوى القرءان والحديث
فتاوى الطهارة والصلاة
فتاوى الصيام والزكاة
فتاوى الحج والعمرة
فتاوى النكاح والطلاق
فتاوى في المعاملات
فتاوى البدن والجوارح
فتاوى ومسائل عامة
ركن اليوتوب
تفسير جزء عم
برنامج علامات الساعة
شرح أحكام التجويد
كتاب الشمائل المحمدية
كتاب الروائح الزكية
كتاب الأوائل السنبلية
مختصر البخاري لإبن أبي جمرة
شرح الورقات في أصول الفقه
إيضاح المرام من رسالة الإمام
محرك البحث
القبلة
المكتبة السنية
كتب العقيدة والتوحيد
علوم القرءان والحديث
كتب الفقه الإسلامي
كتب الأطفال والناشئة
السير والتراجم
الردود والتحذير
الدروس الصوتية
العقــيدة والتـوحيـــد
القـــرءان والحــديـث
الطهــارة والصـــلاة
الصيــــام والزكــاة
الحـــج والعمــرة
المعاملات والنكاح
معاصي البدن والجوارح
الدروس العامة
الفتــاوى الشـرعيــة
الأدعــية والأذكــار
مناسبات اسلامية
القــصـص والعـــبر
الردود والتحذير
فوائد ونصائح
قصص الأنبياء والصالحين
البرامج الإسـلامية
الكتب المشروحة
English Lessons
ركــن الانـاشــــيد
أناشيد التنزيه والتوحيد
أناشيد العشق المحمدي
أناشيد المولد النبوي الشريف
أناشيد الحج والعمرة والزيارة
أناشيد الهجرة النبوية المباركة
أناشيد الإسراء والمعراج
أناشيد شهر رمضان الكريم
أناشيد الزهد والصحابة والأولياء
أناشيد فلسطين الحبيبة
أناشيد عامة
اناشيد العيد
أناشيد الأطفال
English Chants
المخالفون لأهل السنة
التيمية ومجسمة الحنابلة
الوهابية أدعياء السلفية
القطبية وجماعة الإخوان
فرق ومذاهب أخرى
مقالات وردود شرعية
الإحصائيات
تعليقات سجل الزوار 67
يتصفح الموقع حالياً 211
زيارات الموقع 2245439
الرياء من أمراض القلوب المهلكة
اعلَمُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ أَنَّ النَّفسَ مَجبُولَةٌ عَلَى حُبِّ الْمَدحِ والإِجلالِ والتَّعظِيمِ فَمِنْ هُنا كَانَ التَّخَلُّصُ مِنَ الرِّياءِ مِنْ أَصْعَبِ الأَشياءِ عَلَى النَّفسِ، النَّفْسَ لا تَطْهُرُ طَهَارَةً تَامَّةً مِنَ الرِّيَاءِ إِلاَّ بَعْدَ مُجَاهَدَةٍ.
اعلَمْ رَحِمَكَ اللَّهُ بِتَوفِيقِهِ أَنَّ مِنْ مَعَاصِي الْقَلْبِ الرِّيَاءَ بِأَعْمَالِ الْبِرِّ أَيِ الْحَسَنَاتِ: وَهُوَ الْعَمَلُ لأِجْلِ النَّاسِ أَيْ لِيَمْدَحُوهُ، وَهُوَ يُحْبِطُ ثَوابَ الطَّاعَةِ الَّتِي قَارَنَهَا، وَهُوَ مِنَ الْكَبَائِرِ. [رَاءَيْتُ الرَّجُلَ مُراءَاةً ورِياءً: أَرَيْتُهُ أَنِّي عَلَى خِلافِ مَا أَنَا عَلَيهِ، وَرَائَى الْمُنَافِقُ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهُ يُصَلِّي، يُرَائِيهِمْ أَنَّهُ هُوَ عَلَى مَا هُم عَلَيْهِ، وَفُلانٌ مُرَاءٍ وَقَومٌ مُراءُونَ]
فَفِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ بَيَانُ مَعْصِيَةٍ مِنْ مَعَاصِي الْقَلْبِ وَهِيَ الرِّيَاءُ وَهُوَ مِنَ الْكَبَائِرِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى
﴿
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ
﴾
[سُورَةَ الْبَقَرَة/264]. [مَعنَاهُ لاَ تُبطِلُوا ثَوابَ صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَى، فَشَبَّهَ اللَّهُ تَعَالَى الْمَنَّ بِالرِّياءِ، لأَنَّ كِلَيْهِمَا يُحْبِطَانِ ثَوَابَ الْعَمَلَ] وَقَالَ تَعَالَى
﴿
فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا
﴾
[سُورَةَ الْكَهْف/110]. أَيْ لا يُرَاءِ بِعَمَلِهِ. وَالرِّيَاءُ هُوَ أَنْ يَقْصِدَ الإِنْسَانُ بِأَعْمَالِ الْبِرِّ كَالصَّوْمِ وَالصَّلاةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْءَانِ وَالْحَجِّ وَالزَّكَاةِ وَالصَّدَقَاتِ وَالإِحْسَانِ إِلَى النَّاسِ مَدْحَ النَّاسِ وَإِجْلالَهُمْ لَهُ، وَقَدْ يَكُونُ بِإِظْهَارِ نُحُولٍ وَصُفْرَةٍ وَتَشَعُّثٍ وَخَفْضِ صَوْتٍ لِيُظَنَّ أَنَّهُ شَدِيدُ الاِجْتِهَادِ فِي الْعِبَادَةِ، أَوْ بِتَقْلِيلِ الأَكْلِ وَعَدَمِ الْمُبَالاةِ بِلُبْسِهِ لِيُظَنَّ أَنَّهُ مُشْتَغِلٌ عَنْ لُبْسِهِ بِمَا هُوَ أَهَمُّ، أَوْ بِإِكْثَارِ الذِّكْرِ وَمُلازَمَةِ الْمَسَاجِدِ لِيُظَنَّ أَنَّهُ صُوفِيٌّ مَعَ أَنَّهُ مُفْلِسٌ مِنْ حَقِيقَةِ التَّصَوُّفِ، فَإِذَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ قَصْدَ مَبَرَّةِ النَّاسِ لَهُ بِالْهَدَايَا وَالْعَطَايَا كَانَ أَسْوَأَ حَالاً لأِنَّ ذَلِكَ مِنْ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ، أَوْ بِطَلَبِ كَثْرَةِ الزُّوَّارِ لَهُ كَأَنْ يَطْلُبَ مِنْ نَحْوِ عَالِمٍ أَوْ ذِي جَاهٍ أَنْ يَزُورَهُ وَيَأْتِيَ إِلَيْهِ إِيْهَامًا لِرِفْعَتِهِ وَتَبَرُّكِ غَيْرِهِ بِهِ، أَوْ بِذِكْرِ أَنَّهُ لَقِيَ كَثِيرًا مِنْ أَهْلِ الْفَضْلِ افْتِخَارًا بِهِمْ وَتَرَفُّعًا عَلَى غَيْرِهِ.
وَكَذَا الزَّوْجُ إِنْ أَحْسَنَ لِزَوْجَتِهِ أَوْ هِيَ أَحْسَنَتْ إِلَيْهِ لِطَلَبِ مَحْمَدَةِ النَّاسِ فَهَذَا رِيَاءٌ، وَأَمَّا الَّذِي يَعْمَلُ الإِحْسَانَ لِيُحِبَّهُ النَّاسُ لا لِيَمْدَحُوهُ وَلا لِلْسُّمْعَةِ فَلا يُعَدُّ عَمَلُهُ رِيَاءً لَكِنْ لا ثَوَابَ لَهُ أَمَّا إِذَا أَرَادَ أَنْ يَقْبَلَ النَّاسُ مِنْهُ النَّصِيحَةَ فَعِنْدَئِذٍ يُثَابُ. وَالرِّيَاءُ يُطْلَقُ عَلَيْهِ الشِّرْكُ الأَصْغَرُ فَقَدْ رَوَى الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
«
اتَّقُوا الرِّيَاءَ فَإِنَّهُ الشِّرْكُ الأَصْغَرُ
»
وَهُوَ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ لِوَصْفِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهُ بِأَنَّهُ الشِّرْكُ الأَصْغَرُ.
وَرَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ
«
أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ فَمَنْ عَمِلَ لِي عَمَلاً أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي فَأَنَا مِنْهُ بَرِيءٌ وَهُوَ لِلَّذِي أَشْرَكَ
»
. وَمَعْنَى قَوْلِهِ
"
أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ
"
أَيْ لا يَلِيقُ بِي أَنْ يُشْرَكَ بِي، وَقَوْلُهُ "وَهُوَ لِلَّذِي أَشْرَكَ" مَعْنَاهُ جَزَاؤُهُ ذَلِكَ الَّذِي أَرَادَهُ أَيْ أَنْ يَمْدَحَهُ النَّاسُ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ جُنْدُبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
«
مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ وَمَنْ يُرَائِي يُرَائِي اللَّهُ بِهِ
»
. وَمَعْنَى
"
مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ
"
أَنَّ الَّذِي يَعْمَلُ الْحَسَنَاتِ لِيَتَحَدَّثَ النَّاسُ عَنْهُ بِهَا يَفْضَحُهُ اللَّهُ تَعَالَى وَمَعْنَى
"
وَمَنْ يُرَائِي يُرَائِي اللَّهُ بِهِ
"
أَيْ يُبَيِّنُ اللَّهُ لِلْمَلائِكَةِ أَنَّهُ يُرَائِي. [ سَمَّعْتُ بِالشَّىْءِ أَذَعتُهُ لِيَقُولَهُ النَّاسُ، والسُّمْعَةُ مَا سُمِّعَ بِهِ مِنْ طَعَامٍ وَغَيْرِهِ رِياءً لِيُسْمَعَ وَيُرَى، تَقُولُ: فَعَلَهُ رِياءً وَسُمْعَةً أَيْ لِيَرَاهُ النَّاسُ وَيَسْمَعُوا بِهِ]
قَالَ: النَّوَوِيُّ: لَوْ فَتَحَ الإِنْسَانُ عَلَيْهِ بَابَ مُلاحَظَةِ النَّاسِ وَالاِحْتِرَازِ مِنْ تَطَرُّقِ ظُنُونِهِمُ الْبَاطِلَةِ لأَفْسَدَ عَلَيْهِ أَكْثَرَ أَبْوَابِ الْخَيْرِ وَضَيَّعَ عَلَى نَفْسِهِ شَيْئًا عَظِيمًا مِنْ مُهِمَّاتِ الدِّينِ وَلَيْسَ هَذَا طَرِيقَةَ الْعَارِفِينَ وَلَقْد أَحْسَنَ مَنْ قَالَ: "سِيرُوا إِلَى اللَّهِ عُرْجًا وَمَكَاسِيرَ وَلا تَنْتَظِرُوا الصِّحَّةَ فَإِنَّ انْتِظَارَ الصِّحَّةِ بَطَالَةٌ".
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ هِلالِ بنِ يَسَارٍ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ
«
إِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلْيَدْهَنْ لِحْيَتَهُ وَلْيَمْسَحْ شَفَتَيْهِ وَيَخْرُجْ إِلَى النَّاسِ حَتَّى كَأَنَّهُ لَيْسَ بِصَائِمٍ وَإِذَا أَعْطَى بِيَمِينِهِ فَلْيُخْفِهِ عَنْ شِمَالِهِ، وَإِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيُسْدِلْ سِتْرَ بَابِهِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُقَسِّمُ الثَّنَاءَ كَمَا يُقَسِّمُ الرِّزْقَ
»
. وَعَنْ ذِي النُّونِ قَالَ: قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ
"
مَا أَخْلَصَ الْعَبْدُ لِلَّهِ إِلاَّ أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ فِي جُبٍّ لا يُعْرَفُ
"
. اهـ.
وَرَوَى الْحَاكِمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
«
مَنْ قَامَ بِمُسْلِمٍ مَقَامَ رِيَاءٍ وَسُمْعَةٍ أَقَامَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَقَامَ رِيَاءٍ وَسُمْعَةٍ
»
مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الَّذِي يَرْتَكِبُ هَذِهِ الْمَعْصِيَةَ وَهِيَ أَنْ يَقْصِدَ رَفْعَ شَأْنِ نَفْسِهِ عِنْدَ النَّاسِ وَتَهْشِيمَ شَخْصٍ ءَاخَرَ ظُلْمًا يُرِيدُ أَنْ يُفَخِّمَ نَفْسَهُ لِيُنْظَرَ إِلَيْهِ بِعَيْنِ الإِجْلالِ لِيُحْمَدَ وَيُهَشَّمَ الآخَرُ فَهَذَا ذَنْبُهُ عَظِيمٌ وَاللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَفْضَحُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَكْشِفُ حَالَهُ أَيْ يَكْشِفُ حَالَ هَذَا الإِنْسَانِ الَّذِي يَتَكَلَّمُ عَلَى مُسْلِمٍ بِمَا يُظْهِرُ بِهِ لِنَفْسِهِ النَّزَاهَةَ وَعُلُوَّ الْمَقَامِ وَالرِّفْعَةَ أَيْ رِفْعَةَ الْقَدْرِ بِتَهْشِيمِ ذَلِكَ الإِنْسَانِ وَفَضْحِهِ بَيْنَ النَّاسِ، يُقَالُ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ فُلانًا قَامَ يَوْمَ كَذَا مَقَامَ كَذَا فَتَكَلَّمَ عَنْ نَفْسِهِ بِمَا فِيهِ رَفْعُ شَأْنِهِ وَمَا فِيهِ تَهْشِيمُ فُلانٍ. فَالْفَضِيحَةُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ تَكُونُ شَدِيدَةً عَلَى النَّفْسِ فِي ذَلِكَ الْمَلَإِ الْعَظِيمِ يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ.
وَالرِّيَاءُ يُحْبِطُ ثَوَابَ الْعَمَلِ الَّذِي قَارَنَهُ، فَإِنْ رَجَعَ عَنْ رِيَائِهِ وَتَابَ أَثْنَاءَ الْعَمَلِ فَمَا فَعَلَهُ بَعْدَ التَّوْبَةِ مِنْهُ لَهُ ثَوَابُهُ، وَأَيُّ عَمَلٍ مِنْ أَعْمَالِ الْــبِـرِّ دَخَلَهُ الرِّيَاءُ فَلا ثَوَابَ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ جَرَّدَ قَصْدَهُ لِلرِّيَاءِ أَوْ قَرَنَ بِهِ قَصْدَ طَلَبِ الأَجْرِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى.
فَلا يَجْتَمِعُ الثَّوَابُ وَالرِّيَاءُ لِحَدِيثِ أَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ بِالإِسْنَادِ إِلَى أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ
"
يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ رَجُلاً غَزَا يَلْتَمِسُ الأَجْرَ وَالذِّكْرَ مَا لَهُ
"
؟ قَالَ
«
لا شَىْءَ لَهُ
»
فَأَعَادَهَا ثَلاثًا كُلَّ ذَلِكَ يَقُولُ
«
لا شَىْءَ لَهُ
»
، ثُمَّ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
«
إِنَّ اللَّهَ لا يَقْبَلُ مِنَ الْعَمَلِ إِلاَّ مَا كَانَ خَالِصًا لَهُ وَمَا ابْتُغِيَ بِهِ وَجْهُهُ
»
وَجَوَّدَ الْحَافِظُ الْعَسْقَلانِيُّ إِسْنَادَهُ.
قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ
"
مَا عَالَجْتُ شَيْئًا أَشَدَّ عَلَيَّ مِنْ نِيَّتِي
"
مَعْنَاهُ أَصْعَبُ الْمَعَاصِي إِخْرَاجًا مِنَ الْقَلْبِ هُوَ الرِّيَاءُ، وَهَذَا صَحِيحٌ لأَنَّ النَّفْسَ مَجْبُولَةٌ عَلَى حُبِّ الْمَدْحِ، هَذَا يَبْنِي مَدْرَسَةً لِيُقَالَ عَنْهُ "فَاعِلُ خَيْرٍ"، وَهَذَا يُدَرِّسُ لِيُقَالَ عَنْهُ "عَالِمٌ" وَهَذَا يُجَاهِدُ لِيُقَالَ عَنْهُ "بَطَلٌ" وَكَذَلِكَ سَائِرُ الأَشْيَاءِ، وَالْمُخْلِصُونَ قِلَّةٌ. ءَاخِرُ شَىْءٍ يَخْرُجُ مِنْ قَلْبِ الصُّوفِيِّ هُوَ الرِّيَاءُ، فَالَّذِينَ يَسْلَمُونَ مِنَ الرِّيَاءِ قِلَّةٌ قَلِيلَةٌ. وَقَدْ صَدَّرَ الْبُخَارِيُّ كِتَابَهُ الصَّحِيحَ بِحَدِيثِ
«
إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ
»
وَأَقَامَهُ مُقَامَ الْخُطْبَةِ لَهُ إِشَارَةً مِنْهُ إِلَى أَنَّ كُلَّ عَمَلٍ لا يُرَادُ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ لا ثَمَرَةَ لَهُ فِي الدُّنْيَا وَلا فِي الآخِرَةِ، وَلِهَذَا قَالَ عَبْدُ الرَّحْمٰنِ بنُ مَهْدِيٍّ:
"
لَوْ صَنَّفْتُ كِتَابًا فِي الأَبْوَابِ لَجَعَلْتُ حَدِيثَ عُمَرَ بنِ الْخَطَّابِ «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» فِي كُلِّ بَابٍ
"
. وَعَنْهُ أَنَّهُ قَالَ
"
مَنْ أَرَادَ أَنْ يُصَنِّفَ كِتَابًا فَلْيَبْدَأْ بِحَدِيثِ «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ»
"
.
أَمَّا الإِخْلاصُ فَهُوَ الْعَمَلُ بِالطَّاعَةِ لِلَّهِ وَحْدَهُ.
فَمِنْ أَعْمَالِ الْقُلُوبِ الْوَاجِبَةِ الإِخْلاصُ وَهُوَ إِخْلاصُ الْعَمَلِ لِلَّهِ تَعَالَى أَيْ أَنْ لا يَقْصِدَ بِالْعَمَلِ مَحْمَدَةَ النَّاسِ وَالنَّظَرَ إِلَيْهِ بِعَيْنِ الاِحْتِرَامِ وَالتَّعْظِيمِ وَالإِجْلالِ، قَالَ تَعَالَى
﴿
فَمَنْ كَانَ يَرْجُواْ لِقَآءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا
﴾
[سُورَةَ الْكَهْف/110] فَفِي الآيَةِ نَهْيٌ عَنِ الرِّيَاءِ لأِنَّهُ الشِّرْكُ الأَصْغَرُ. وَقَدْ رَوَى الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدَرَكِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
«
اتَّقُوا الرِّيَاءَ فَإِنَّهُ الشِّرْكُ الأَصْغَرُ
»
[صَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَوَافَقَهُ الذَّهَبِيُّ عَلَى تَصْحِيحِهِ]. فَأَيُّ عَمَلٍ مِنَ الْحَسَنَاتِ يَعْمَلُهُ الْعَبْدُ إِنْ نَوَى بِهِ مَدْحَ النَّاسِ لَهُ لا ثَوَابَ فِيهِ بَلْ عَلَيْهِ ذَنْبٌ كَبِيرٌ لأَنَّهُ يُشْبِهُ الإِشْرَاكَ بِاللَّهِ أَيْ عِبَادَةَ غَيْرِ اللَّهِ الَّذِي هُوَ الْكُفْرُ، وَإِنَّمَا سَمَّى الرَّسُولُ الرِّيَاءَ الشِّرْكَ الأَصْغَرَ لأَنَّهُ لا يَخْرُجُ فَاعِلُهُ مِنَ الإِسْلامِ بَلْ يَغْفِرُهُ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَاقِبُ مَنْ يَشَاءُ.
قَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ الرِّفَاعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
"
مَا الفَائِدَةُ مِنْ عِلْمٍ بِلا عَمَلٍ وَمَا الفَائِدَةُ مِنْ عَمَلٍ بِلاَ إِخْلَاصٍ
"
.
وَقَدْ حَذَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَءَالِهِ وَسَلَّمَ مِنْ عَاقِبةِ الرِّياءِ وَخَطَرِهِ وَشُؤْمِهِ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُستَدرَكِ عَنْ سليمان بن يسار قَالَ "تَفَرَّقَ النَّاسُ عن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ لَهُ أَخُو أَهْلِ الشَّامِ: "أَيُّهَا الشَّيْخُ حَدِّثْنَا حَدِيثًا سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَءَالِهِ وَسَلَّمَ". قَالَ: "سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَءَالِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ
«
أَوَّلُ النَّاسِ يُقْضَى فِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ
[أَي مَاتَ فِي الْمَعرَكَةِ]
فَأُتِيَ بِهِ، فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: قَاتَلْتُ فِيكَ حَتَّى قُتِلْتُ، قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنْ قَاتَلْتَ لِيُقَالَ: هُوَ جَرِيءٌ، فَقَدْ قِيلَ
[أَيْ اَخَذْتَ جَزَائَكَ فِي الدُّنْيَا]
قَالَ: ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ، وَرَجُلٌ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ وَعَلَّمَهُ وَقَرَأَ الْقُرْءَانَ فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ عَلَيْهِ فَعَرَفَهَا، فَقَالَ: مَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: تَعَلَّمْتُ فِيكَ الْعِلْمَ وَعَلَّمْتُهُ وَقَرَأْتُ فِيكَ الْقُرْءَانَ، فَيَقُولُ: كَذَبْتَ وَلَكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ الْعِلْمَ لِيُقَالَ: هُوَ عَالِمٌ وَقَرَأْتَ الْقُرْءَانَ لِيُقَالَ هُوَ قَارِئٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ، وَرَجُلٌ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَأَعْطَاهُ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَالِ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا فَقَالَ: مَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: مَا عَلِمْتُ مِنْ شَىْءٍ تُحِبُّ أَنْ يُنْفَقَ فِيهِ إِلَّا أَنْفَقْتُ فِيهِ، قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ فَعَلْتَ لِيُقَالَ: هُوَ جَوَادٌ، فَقَدْ قِيلَ ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ
»
[قَالَ الْحَاكِمُ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَلَمْ يُخَرِّجْهُ البخاري].
وَعَنْ أَبِـي هُرَيْرَةَ عَبْدِ الرَّحْـمٰنِ بْنِ صَخْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
"
إِنَّ اللَّهَ لا يَنْظُرُ إِلَى أَجْسَامِكُمْ، وَلا إِلَى صُوَرِكمْ، وَلَكِنْ ينْظُرُ إِلَى قُلُوبِكمْ وَأَعْمَالِكُمْ
"
[رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِـي صَحِيحِهِ]. [أَيْ إِنَّ اللَّهَ لا يُـجَازِيكُمْ لأَجْلِ قُوَّةِ أَجْسَامِكُمْ أَوْ ضَعْفِهَا، أَيْ لا يُكْرِمُكُمْ لِقُوَّةِ أَجْسَامِكُمْ ، وَلا يُـجَازِيكُمْ لأَجْلِ حُسْنِ صُوَرِكُمْ أَوْ قُبْحِهَا، لأَنَّهُ هوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ عَلَـى تِلْكَ الصُّوَرِ، وَإِنَّـمَا يُـجـَازِيكُمْ بِـمَا حَوَتْهُ قُلُوبَكُمْ مِنَ النِّيَّاتِ، وَبِـمَا تَعْمَلُونَهُ. فَإِنْ أَحْسَنْتُمُ الْعَمَلَ فوَافَقَ عَمَلُكُمُ الشَّرِيعَةَ وَأَخْلَصْتُمُ النِّيَّةَ لِلَّهِ وَحْدَهُ كُنْتُمْ مِنَ الْمُفْلِحِيـنَ].
قَالَ اللَّهُ تَعَالَـى
﴿
وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا ٱلصَّلاةَ وَيُؤْتُوا ٱلزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ ٱلْقَيِّمَةِ
﴾
[سُورَةَ الْبَيِّنَةِ: 5 ]، قَالْ الْـخـازِنُ فِـي تَفسِيـرِهِ الآيَةَ الْـمَذْكُورَةَ "
﴿
وَمَا أُمِرُوا
﴾
يَعْنِي هَؤُلاءِ الْكُفَّارَ
﴿
إِلاَّ لِيَعْبُدُوا ٱللَّهَ
﴾
أَيْ وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ أَنْ يَعْبُدُوا اللَّهَ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ "مَا أُمِرُوا فِـي التَّوْرَاةِ، وَالإِنْـجِيلِ، إِلاَّ بِإِخْلاصِ الْعِبَادَةِ لِلَّهِ مُوَحِّدِينَ لَهُ"
﴿
مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ
﴾
الإِخْلاصُ عِبَارَةٌ عَنِ الِنّيَّةِ الْـخَالِصَةِ، وَتَـجْرِيدِها عَنْ شَوَائِبِ الِرّيَاءِ، وَ هُوَ تَنْبِيهٌ عَلَى مَا يَـجِبُ مِنْ تَـحْصِيلِ الإِخْلاصِ مِنَ ابْتِدَاء الْفِعْل إِلَـى انْتِهَائِهِ، وَالْـمُخْلِصُ هُوَ الَّذِي يَأْتِـي بِالْـحَسَنِ لِـحُسْنِهِ وَالْوَاجِبِ لِوُجُوبِهِ. وَ الإِخْلاصُ مَـحَلُّهُ الْقَلْبُ وَهُوَ أَنْ يَأْتِـيَ بِالْفِعْلِ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَـى مُـخْلِصًا لَهُ، وَلا يُرِيدُ بِذَلِكَ رِيَاءً وَلا سُـمْعَةً وَلا غَرَضًا ءَاخَرَ. وَقِيلَ فِـي مَعْنَى مُـخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ مُقِرِّينَ لَهُ بِالْعُبُودِيَّةِ، وَقِيلَ قَاصِدِينَ بِقُلوبِـهِمْ رِضَا اللَّهِ تَعَالَـى بِالْعِبَادَةِ،
﴿
حُنَفَاءَ
﴾
أَيْ مَائِلِيـنَ عَنِ الأَدْيَانِ كُلِّهَا إِلَـى دِينِ الإِسْلامِ،
﴿
وَيُقِيمُوا ٱلصَّلاةَ
﴾
أَيِ الْـمَكْتُوبَةَ فِـي أَوْقَاتِـهَا
﴿
وَيُؤْتُوا ٱلزَّكَاةَ
﴾
أَيِ الْـمَفْرُوضَةَ عِنْدَ مَـحَلِّهَا
﴿
وَذَلِكَ
﴾
أَيِ الَّذِي أُمِرُوا بِهِ
﴿
دِينُ ٱلْقَيِّمَةِ
﴾
أَي الْـمِلَّةُ الْـمُسْتَقِيمَةُ] وَقالَ تَعَالَـى:
﴿
لَنْ يَنَالَ ٱللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ ٱلتَّقْوَى مِنْكُمْ
﴾
[سُورَةَ الْـحَجِّ : 37 ]، [النَّيْلَ لَا يَتَعَلَّقُ بِالْبَارِئِ سُبْحَانَهُ، وَلَكِنْ عَبَّرَ بِهِ تَعْبِيرًا مَـجَازِيًّا عَنْ الْقَبُولِ، وَالْـمَعْنَـى لَنْ يَصِلَ إِلَيْهِ، أَيْ لَنْ يَقْبَلَ لُـحَومَهَا وَلا دِمَاءَهَا ، وَلَكِنْ يَصِلُ إِلَيْهِ التَّقْوَى مِنْكُم، أَيْ مَا أُرِيدَ بِهِ وَجْهُهُ ، فَذَلِكَ الذِي يَقْبَلُهُ وَيُرْفَعُ إِلَيْهِ وَيَسْمَعُهُ وَيُثِيبُ عَلَيْهِ]
وَقالَ تَعَالَـى
﴿
قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ ٱللَّهُ
﴾
[ سُورَةَ ءَالِ عِمْرَانَ : 29 ] . [اللَّهُ تَعَالَـى عَالِـمٌ بِالْبَوَاطِنِ كَعِلْمِهِ بِالظَّوَاهِرِ، فَـيُـجَازِي اللَّهُ العْبْدَ عَلَى كُلِّ مَا اعتقَدَهُ وَنَوَاهُ وَعَزَمَ عَلَيْهِ فِـي قَلْبِهِ].
رابط ذو صله :
http://www.sunnaonline.org
القسم :
معاصي البدن والجوارح
الزيارات :
8619
التاريخ :
30/9/2011