www.sunnaonline.org

حفظ اللسان وعدم التسرع بالتكفير

قَالَ رسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّم "من كانَ يُؤمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِر فَليُكرِم ضَيْفَه، ومن كانَ يُؤمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِر فَلْيَقُل خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُت". في هذا الحديثِ الصَّحيح الَّذي رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِم الإيصَاءُ الـمُؤكَّدُ بِإكرَامِ الجَار وَحفْظِ اللِّسان، معناهُ الشَّخصُ إذَا أرَادَ أنْ يَتَكلَّم لِينظُر قَبلَ أَنْ يَتكلَّمَ هل في هذا الكلامِ خيرٌ اَوْ شَرٌ، فِإنْ عَلِمَ فِيهِ خَيْرًا تكلَّمَ أَو لِيَسْكُت. وَالعمَلُ بِهَذا الحديث فيهِ حِفْظُ الدِّين فإنَّ الإنسَانَ إذا تَكَلَّمَ بِمَا يَخطُرُ لهُ دونَ تَفكِيرٍ في هذا الكلام فقد يكونُ فيهِ كُفْرٌ أو معصيةٌ أو تضيعٌ للوقتِ لا فَائِدَةَ فيهِ فيُهلِكُ نفسَه. ثُمَّ اكثَرُ المعَاصي معَاصي اللِّسَان لِأنَّ النُّطقَ أَسْهَلُ شَىءٍ عَلَى الإنسَان لا يُكلِّفُهُ مَشْيٌّ لِذَلِكَ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أكَّدَ عَلَى أُمَّتِهِ أنْ لا يَتَكَلَّموا إِلَّا بمَا لا ضَررَ فِيهِ إلَّا بخَير. معنَاهُ الـمُسْلمُ ينبَغِي أّنْ يُمسِكَ عَنِ الكلام إِلَّا مَا فيهِ خير إِمَّا مصْلَحَةٌ فِي المعيشَة أو في الدَّين أوْ نفعُ النَّاس. كثيرٌ منَ النَّاسِ إذَا خَطَرَ لهم شَىْءٌ يتكلَّمونَ بهِ قبل أَنْ يُفَكِّروا إلى أَيِّ شَىءٍ يُؤدِّي هذَا الكلام يتكلَّمون بِهِ ثمَّ يَتَبَيَّنُ لهُم أنَّ فيهِ خَطَرًا فَيَنْدَمون فَوَاجِبٌ عَلَيهِم أنْ لا يَتَكَلَّموا إِلَّا بِمَا فيهِ سَلامَةٌ مِمَّا لا يَضُرُّ دينَهُم، حتَّى في أُمورِ الدُّنيا الإنسَانُ إِذَا أَطْلَقَ لِسَانَهُ قبلَ أنْ يُفَكِّرَ إِلَى أَيِّ شَىءٍ يُؤدِي قدْ يَكًونُ فِيهِ ما يُهْلِكُه وَيُفْسِدُ عَلَيْهِ ءَاخِرَتَه.وَمن ذَلِك أَنَّ بَعْضَهُم يقُولُ كَلِمَةً تكونُ هذِهِ الكَلِمَةُ تَحتَمِلُ وَجهين، وجهًا هو كُفْر ووجْهًا ليس بِكُفْر لأَنَّ لغَةَ العَربِ وِاسِعَة الكَلمَةُ الوَاحِدَة فِي كثيرٍ منَ الموَاضِع تأتي لِأَكثَرَ من معنًى، بعضُهُم يَتَسَرَّعون فَيَحكُمُ أَحَدَهُم عَلى كلِمةَ الشَّخصِ بِأَنَّهَا كُفرٌ معَ أَنَّ هذهِ الكَلِمَة لها وجهٌ ءَاخَرَ ليسَ بِكُفر فيُوَرطُ ذَلكَ الشَّخْصَ بِالهَلاك وَيُورِّطُ نفسَه، ضّرَّ غَيرَهُ وضَرَّ نفسَه. قبلَ أَنْ يَقولَ لهُ هذهِ كفرٌ لِيُفَكِّر هل لها معنًى غيرَ الَّذي خطرَ لِي؟ إِنْ لَم يجِد معنًى فِي نَفْسِه يقولُ لهُ هذهِ الكَلِمَةُ إنْ كنتَ تفهَمُ منهَا هذا المعنى الَّذي هو كفر فهيَ كُفْرٌ، ثم الذي تكلَّمَ بهذه الكَلِمَة هو يعرِفُ من نَفسِهِ إنْ كَانَ يفهمُ المعنَى الكُفْرِيّ فَيتَشَهَّد وإلَّا يعرفُ أَنَّهُ مَا وقَعَ فِي الكُفْرِ. خَالِفُوا أَنفُسَكُم ولا تقولوا للشَّخصِ كفرتَ إِلَّا بعدَ أَنْ تَنْظُرُوا هل يفهمُ الشَّخصُ المعنَى الذي هو كفْر من هذه الكلمة أم لا يفهَمُ المعنى؟قَالَ العُلَمَاء "إِدْخَالُ كافِرٍ في المِلَّةِ أَمْرٌ عظيم" أي أن تُدخِلَ شَخْصًا كافِرًا في دينِ الإسلام ثَوابُهُ كبيرٌ جِدًّا، قالوا "وإخْرَاجُ مُسلِمٌ منَ المِلَّةِ أَمْرٌ عظيم" كذلكَ إِذَا كفَّرْتَ مسلِمًا بِغيرِ حَقٍّ أمرٌ عظيم. هذا الكَلامُ كلامُ أَهلِ الحَقِّ ليسَ حديثًا لكن معناهُ مأخُوذٌ منَ القُرءَانِ والحديث قالَهُ إمَامُ الحَرَميْنِ وغَيْرُه. إمامُ الحَرمَين عالمٌ شَافِعِيٌّ لُقِّبَ إمامَ الحَرَمين لأنَّهُ جَاوَرَ بِمَكَّةَ زَمَانًا وانتفَعَ النَّاسُ بهِ أهلُ مكَّةَ وأَهلُ المدينة. هو أصلُهُ من بلادِ العجم يُقُالُ لهُ "عبدُ الملِك" أبوهُ يُقُالُ لهُ "أبو محمَّد الجُوَيْنِي، عبدُ اللهِ بنُ يُوسُف" أبوهُ كانَ مُعْتَقَدًا كَبِيرًا حتَّى قالَ بعضُ العُلَمَاء" لو كان يوجدُ بعدَ نبيِّنَا مُحمَّدٍ نبي لكان أبا مُحمَّد" هو وَالدُ إِمامِ الحرمين.فَيَجِبُ الإعتِدَالُ في أنْ لا يُتَسَرَّعَ في الحُكْمِ لمن هو كافِرٌ بِالإسلام، وكذلكَ الحكمُ على المـُسلمِ بأَنَّهُ كَفَر. الشَّيْطَانُ قد يُخَيِّلُ للشَّخْصِ قد يقولُ للشَّخصِ أنقِذ هذَا الشَّخصَ قُل له هذا كفرٌ لِيَتَشَهّد، لأنَّ لهُ غَرَضًا وهو أنْ يُوقِعَ هذَا الشَّخصَ بِالحُكْمِ على مسْلِمٍ بالكُفْر، هذا يُعجِبُ الشَّيْطَان. من هذا البابِ يدخُلُ علَيه يقولُ له لا تترُكهُ قد يموت أسرِع قل لهُ تَشَهَّد ويكونُ ذَاكَ ما كفَر. الشَّيْطَانُ لهُ مدَاخِل لفِتْنَةِ النَّاس.قالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ علَيْهِ وسَلَّم "إِذَّا أَصْبَحَ ابنُ ءَادَم فَإِنَّ الأعضَاءَ كُلَّهَا تُكَفِّرُ اللِّسَان فتَقُولُ اتَّقِ اللهَ فينَا فإِنَّمَا نحنُ بِكَ فَإنِ اسْتَقَمْتَ اسْتَقَمْنَا وإِنِ اعوَجَجْتَ اعوَجَجْنَا" روَاهُ الترمذِيُّ والبَيْهَقِي. قًولُهُ "تُكَفِّرُ اللِّسَان" أي تَذِلُّ وَتَخْضَعُ له، وَقَوْلُهُ "فإِنَّمَا نحنُ بِكَ" أيْ نستَقيمُ ونَعوَجُّ تَبَعًا لك. وَسُبْحَانَ اللهِ وَالحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِين


رابط ذو صله : http://www.sunnaonline.org
القسم : الخــطب والـــدروس
الزيارات : 5928
التاريخ : 6/10/2011